كانت مظاهرات ثورة 30 يونيو تعنى باختصار أن أغلبية الشعب المصرى ترى أنه لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة، وتعود إلى رفع شعار ثورة 1919 «الدين لله والوطن للجميع».
ولكى تكون هناك مصالحة وطنية حقيقية لابد أن يعترف تيار الإسلام السياسى بإخوانه وسلفييه ووسطه وكل اتجاهاته بأن هذا هو معنى 30 يونيو الجوهرى فى رفض حكم الإخوان.
المصالحة مستحيلة من دون أن يقر هذا التيار بأن الشيخ محمد عبده ليس كافراً، وأحمد لطفى السيد وطه حسين والعقاد والسنهورى وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وسلامة موسى وسيد درويش ومحمود مختار ومحمود سعيد وأحمد شوقى وحافظ إبراهيم وأم كلثوم وعبدالوهاب ويوسف وهبى وزكى طليمات، وغيرهم من صناع مصر الحديثة فى النصف الأول من القرن العشرين الميلادى ليسوا كفاراً، وكذلك سعد زغلول وجمال عبدالناصر وأنور السادات وحسنى مبارك والمشير طنطاوى والفريق السيسى وأحمد عبدالمعطى حجازى والغيطانى والقعيد وبهاء طاهر وصنع الله إبراهيم وغيرهم من أعلام مصر المعاصرة فى كل المجالات.
المصالحة مستحيلة من دون أن يقر هذا التيار بأن من حق الدولة دون غيرها حمل السلاح فى الجيش والشرطة، وليس من حق أى فصيل سياسى ولو تحدث باسم الله سبحانه، ودعك من التناقض بين حمل السلاح باسم الله وقوله تعالى فى القرآن الكريم «لا إكراه فى الدين».
مظاهرات ثورة 30 يونيو تعنى أن أغلبية الشعب المصرى تكتفى بوصف الدولة فى الدستور بأنها جمهورية ديمقراطية تقوم على المواطنة، ولغتها العربية، وقوانينها لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، أو الشرائع السماوية، وكل ما عدا ذلك مزايدات فارغة ولا نهاية للمزايدات إذا بدأت فى الدين أو السياسة.
لقد كانت عبقرية السنهورى عندما كتب القوانين الوضعية المصرية فى ظل دستور 1923 تقوم على هذه الخلاصة، وهى إمكانية وضع قوانين وضعية حديثة لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وبذلك حل مشكلة دامت ألف سنة ويزيد، وطوى الشعب المصرى عبر نخبته المفكرة هذه الصفحة، وانطلق يبنى بلاده.
ويؤكد أن الإسلام يتوافق مع العصر الحديث، ومع كل العصور والثقافات، لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة، نقطة ومن أول السطر.
samirmfarid@hotmail.com