وصلتنى الصورة المفزعة. طفل يرتدى جلباباً أبيض. عمره خمس سنوات تقريبا. يحمل كفناً على يديه. أمه من خلفه مع بقية إخوته. الصورة من ميدان رابعة العدوية. رسالة تقول إن الكراهية تورث. الحقد ينتقل عبر الأجيال. التطرف لن ينتهى. الذين حاولوا تدمير مصر وفشلوا يلغمون المستقبل. لم يكن الطفل يحمل كفنه. لا يعرف معنى الكفن. لم يدرك بعد الموت لكى يدرك معنى ثيابه. ثياب الموت. كان يحمل لغماً مرسلاً إلى الغد.
ابتذال رخيص. احتماء بالأطفال. تحصن بصغار السن. فشل الكبار. قرروا أن يورطوا الأبناء. لابد للمجتمع أن ينقذهم. لم أر قناة قابلت هذا الطفل. لم تقابل صحيفة الذين نشرت صورهم بالأكفان قبل أيام. أشخاص اعتبروا أنفسهم شهداء. بعدها انتحر عشرات منهم عند الحرس الجمهورى. هؤلاء بشر خارج طبيعة الإنسانية. مستعدون أن يفعلوا أى شىء. يحطمون المعنى. يدنسون النفس. يحرقون معنى الحياة. يسيئون للطبيعة. يفسدون القيم. يتركون للمجتمع مخلوقات مشوهة.
أفسد أحدهم عقول العشرات. تنتشر العدوى فى ما بين الناس. التطرف لا حدود يمكن أن تقف أمامه. لا يمكن مقاومته إلا بفكر صحيح. منهج علمى وعملى دائم. لا يكل. إذا لم يحدث يتحول إلى إيدز. أو ينتقل مثل فيروس السارس. الأب يسعل بتطرفه فى أنفاس ابنه وابنته. ينثر الميكروب فيمن حوله. يهتف هذا من فوق منصة بالموت. ينادى على الانتحار. يأتى فى اليوم التالى طفل يحمل كفناً. الطبيعى بعد ذلك أن يأتى نفس الطفل حاملاً القنبلة!!
استغلال الأطفال ضد حقوق الإنسان. الإسلام يرفض ذلك. محظورات لا يمكن أن تفك حظرها أى ضرورات. ما يحدث فى ميدان رابعة العدوية ليس ضرورات بأى شكل. محاولة انتحار علنية متدرجة. دراما رمضانية. المشاهد المقززة تتكرر يوميا فوق منصة الخطابة. تحفيز. غسيل مخ. وعد بالجنة. مجموعة حبست نفسها. تخشى أن تسجن إلى درجة أنها سجنت نفسها. أنشأوا دورات للمياه فى الشارع. ينامون فى الخيام. كانوا يسخرون من معتصمى التحرير. لو تركوا لبنوا سورا حول أنفسهم. أتذكر مشاهد فيلم سوق المتعة. لم يكن فى الفيلم أطفال يحملون الكفن.
تحتاج حالة رابعة العدوية إلى صدمة. تبلدت من صدمتين سابقتين: صدمة عزل د.محمد مرسى. صدمة الانتحار عند الحرس الجمهورى. أدعو الله ألا يسقط ضحايا آخرون. المصريون يكررون لهم النصح يوميا. لا استجابة. للأسف. عزلوا المقيمين بعيدا عن أى تأثير. لا أثق فى أن منشورات الجيش وحدها تكفى. يلقيها من طائرات هليوكوبتر فوق رابعة العدوية. هذا مشهد لن يستمر كثيراً. دراما رمضان تنتهى ليلة العيد. التهديد باستشهاد الأطفال لن يعيد محمد مرسى. أى منصب هذا الذى تضيع من أجله روح طفل برىء؟؟!!