عزيزى القارئ ليس هناك خطأ فى العنوان - أعتذر عن استخدام هذا الوصف - العنوان صحيح، فمشروع الشرق الأوسط الكبير، الذى تبنته أمريكا والصهيونية العالمية ودويلة عربية خليجية لـ «توسيخ» - هكذا يريدونه - هذه المنطقة بتيارات هى أبعد ما تكون عن الدين، وأخرى تجاهد فى سبيل السطو على الدول والسلطة فيها.. فشل هذا المشروع فشلاً ذريعاً.
جاء هذا الفشل على يد الكبيرة مصر، وجيشها القوى الذى هو خير أجناد الأرض، وعلى يد ناصر 2013 الفريق عبدالفتاح السيسى، القائد العام للقوات المسلحة المصرية.
فشل المشروع فى مصر بعزل محمد مرسى وجماعته من ضمير ووجدان الشعب المصرى والعربى والعالم.. تلك كانت البداية.. وستمر الأيام وها هى الأيام حبلى بـ «التغيير الإيجابي»، فالاتراك سيرفضون حكم أردوجان، وما ساحة ميدان «تقسيم» إلا نواة لهذا الرفض الذى تتشكل فى رحمه ثورة، لأن من جاء بالصندوق ـ وهذه هى حجتهم ـ ولا يحقق متطلبات وآمال الشعوب يذهب بغير الصندوق.. يذهب بثورة أو انتفاضة.. المهم أن يذهب.. لأن شرعية الصندوق ليست صكا على بياض تعطيه الشعوب للحكام.
المهم أن الثورات الحقيقية قادمة ضد النظم الفاشية، فحركة «متمردون مغاربة» تقود حملة لإسقاط الدستور وحل البرلمان ورحيل حكومة بنكيران، اقتداءً بالمصريين، حيث أطلق «ناجى العمارى»، الناشط السياسى الشاب، صفحة على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، تدعو إلى ما سماه «من أجل تغيير الدستور بدستور شعبى ديمقراطى وإسقاط الحكومة وحل البرلمان».
ولأن حركة السياسة مثل قِطَع الدومينو تسقط قطعة فتتداعى بعدها بقية القطع، فنجد أن ناشطين فى تونس أطلقوا حركة معارضة، أطلقوا عليها اسم «تمرد»، تهدف إلى إسقاط المجلس التأسيسى الذى يكتب الدستور الجديد لتونس، وتسيطر عليه الفئة نفسها التى تعتنق الأفكار نفسها أيضا وشباب تونس يسير على خطى الشباب المصرى، وهو غير راضٍ بما يجرى فى بلاده من اعتداء على الحريات، ووضع اقتصادى واجتماعى سيئ فى ظل حكم حركة النهضة.
قائد «تمرد» فى تونس قال: «سيتم تنظيم احتجاجات وتحركات شعبية لتحقيق الهدف». وها نحن ننتظر.
فشل مشروع الشرق الأوسط الذى دعا له شيمون بيريز وأعلنت عن ولادته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس بإنهاء حكم الإخوان لمصر، وضرب مشروعهم على الرغم من أن مشروع الشرق الأوسط الكبير حقق بعض النجاح من وجهة نظرهم بتفتيت العراق وحل جيشها على يد الأمريكيين وعرقلة مسيرتها فى صراع سنى ـ شيعى ـ كردى، وفى السودان بتقسيمه إلى جنوب وشمال، وفى سوريا بحرب تدور رحاها وتقضى على الأخضر واليابس، وفى ليبيا بتمكين الإسلاميين.
إلا أن وعى الشعوب يأتى دائما بما لا تشتهى أمريكا.. فأمريكا الآن فى مأزق حقيقى، وإدارة أوباما تحديدا ومكتبه البيضاوى هم فى طريقهم إلى فقد مصالحهم فى مصر إذا استمروا فى النغمة التى يرددونها ضد إرادة الشعب المصرى وجيشه، خاصة أن الملف الإيرانى لايزال يراوح مكانه حتى بعد انتخاب الرئيس الإيرانى الجديد الشيخ حسن روحانى وعودة الدور الروسى إلى تصدر المشهد مرة أخرى، بقياد قيصر روسيا فلاديمير بوتين، وبروز الدور الصينى أيضا بقوة على الساحات العالمية والإقليمية والشرق أوسطية.
النفوذ الأمريكى بالمنطقة لم يعد كما كان، فالتراجع بات أكثر وضوحاً، كما أن أوباما لم يشكل تغييرا كبيرا فى السياسة الأمريكية.
بقى أن نعرف أن أوباما فى مأزق حقيقى بعد فشل إدارته وتواطؤه مع قوى الظلام، بحجة التطور الديمقراطى، فهو يواجه الآن اتهامات بتسريب عناصر إخوانية إلى إدارته، وتعريض الأمن القومى الأمريكى للخطر. وأعتقد أنها ستتطور لاحقا إلى استجوابات ومثول أمام الكونجرس، وربما تؤدى إلى عزله ومحاكمته وإن غدا لناظره قريب.
المختصر المفيد
إذا حسن صوته فلا تأتمنه لأن فى قلبه سبع رجاسات
ومن يغطى بغضه بمكر يكشف خبثه بين الجماعة.. سليمان الحكيم