عاد المشهد السياسى ليمتلئ بالألغاز من جديد!
مثلاً.. لماذا جرى التسرع فى إصدار إعلان دستورى على نحو ما رأينا، رغم أنه كان من الممكن جداً، بل كان من الأفضل تماماً، إعادة العمل بدستور 1971 بتعديلاته التسعة، التى تجعل منه دستوراً ممتازاً، وتجعله صالحاً للعمل به سنة، واثنتين، وثلاثاً، إلى أن يصاغ دستور جديد، يليق بمصر، وتليق به؟!.. وبالتالى فلم نكن فى حاجة أبداً إلى إعلان دستورى، من النوع الذى صدر، وكان بديله الآمن موجوداً وجاهزاً.. ولا يزال!
مثال آخر.. لماذا اعتذر زياد بهاء الدين، وعادل اللبان، وسمير رضوان عن عدم تشكيل وزارة جديدة؟! وما هى الأسباب التى دعت كل واحد فيهم إلى الرفض؟!.. وهل قرر حازم الببلاوى أن يقبل ما رفضوه هم؟! وما هو بالضبط الشىء الذى كان موضع رفض الثلاثة؟!
مثال ثالث.. لماذا أقلعنا عن تكليف البرادعى برئاسة الحكومة؟! وإذا كان السبب هو رفض حزب النور له، فهل قررنا أن نخضع لابتزاز «النور» بمثل ما خضعنا لابتزاز الإخوان فى المرحلة الانتقالية الأولى التى أعقبت 25 يناير؟!
إن الخضوع لابتزازهم، من جانب المجلس العسكرى أيام المشير طنطاوى، كان سبباً فى أننا ضيعنا عامين ونصف العام فى عبث إخوانى متواصل، فلماذا نعود ونكرر الخطأ نفسه تقريباً؟!
لغز رابع.. لماذا كلما قررنا أن نكلف أحداً بمنصب، الآن، رحنا نفتش فى دفاترنا القديمة؟!.. أين دفاترنا الجديدة، وأين شخص رئيس الحكومة الذى ينتمى إلى مرحلة عمرية تعبر عن طموح مصر فى لحظتها الراهنة؟!.. نقول هذا مع كامل التقدير للدكتور الببلاوى، الذى أعتقد أنه هو نفسه يشاركنى الإيمان بهذه الفكرة.
لغز خامس.. ماذا يفعل ممدوح شاهين بالضبط هذه الأيام؟! ولماذا التقى مع الرئيس المؤقت عدلى منصور قبل إصدار الإعلان الدستورى؟!.. وهل لا نزال فى حاجة إلى مشورة رجل كان هو الذى سلمنا باستشاراته للإخوان وأغرقنا على مدى عامين ونصف العام، ودفع بنا إلى حافة الهاوية؟!.. ارحمونا من ممدوح شاهين.. حرام عليكم!
زمان.. سألوا رجلاً شديد الأدب عن مصدر أدبه، الذى كان مثار إعجاب الجميع، فقال إنه تعلمه من رجل قليل الأدب، كان كلما فعل شيئاً امتنع هو عنه، وتجنبه كلياً.. وأظن أن المرحلة الانتقالية التى أعقبت 25 يناير إلى سقوط المعزول، هى هذا الرجل قليل الأدب بالنسبة لنا، الآن، وعلينا - بالتالى - أن نطويها بكل أحداثها، وشخوصها، وأفكارها، إلى غير رجعة.. فمصر لا تحتمل ارتكاب الحماقة نفسها مرتين!