الزمان: 25 يناير 2011
المكان: شارع بولاق أبوالعلا
صديقي يهتف بحماس: حرية.. حرية.. حرية.. فأردد وراءه بحماس.
أذكر هذا جيدا.. فلماذا نسيتموه؟
(1)
من رددوا لعام «الشعب يريد تطهير الإعلام» من خصومهم فوجئوا بمن يطهر الإعلام منهم، ومن سمحوا لأحمق بأن يتحدث على منصتهم بأنهم سيسحقوننا فوجئوا بمن يسحقهم، ومن رددوا في رابعة العدوية اليوم نغزوهم ولا يغزوننا اكتشفوا فجأة أن تاريخ جماعتهم هو غزوة أحد ممتدة.
صفحة «اغضب يا ريس» على فيس بوك، التي أسست دعما لإجراءات استثنائية تنشر اليوم أخبارا تنتقد غضب القائد العام، وفي الخلفية تتردد أغنية «الدنيا زى المرجيحة يوم تحت وفوق».
من تجمهروا في رابعة ليكونوا بالقرب من مظاهراتنا لفض اعتصامنا بالاتحادية، لأنهم يتهموننا بأننا نريد اقتحام القصر الرئاسي انتهى الأمر بهم إلى جمع أشلاء ضحاياهم بعدما اتهمهم الجيش بأنهم يريدون اقتحام دار الحرس.
يقول محمد يسري سلامة، رحمة الله عليه: من برر السحل يُسحل، ولو بعد حين، وعلى يد نفس من برر لهم.
فلماذا نبرر نحن السحل اليوم؟
(2)
كل استثناء يتحول لقاعدة، وما بدأ بـ«مصر 25» لم ينته بـ«الجزيرة».. ومن فرح في إغلاق «الحافظ» انتهى به الأمر بالصمت على التهجم على مراسل الـ«سي إن إن».
أكاذيب إعلامنا الرسمى تتكرر.. فتطورات الوضع السياسي في القناة الأولى هى «تظاهرات بالتحرير والاتحادية للمطالبة بسيادة الشعب»، وكأن مظاهرات رابعة وجامعة القاهرة تحدث في مجرة أخرى غير درب التبانة.
من يشتم خصومنا أو يغيبهم اليوم سيفعل ذلك معنا غدا.
هدفنا إعلام مستقل، وليس إعلاما يشتم الإخوان أو يتجاهلهم، ولمن لا يعلم كان لدينا لـ 60 عاما إعلام رسمي يشتم الإخوان فلم نتقدم خطوة للأمام.
«الشاطر» متورط في اقتتال أهلي منذ ديسمبر 2012، وحاول أن يستخدم التنظيم كقوة قمع بديلة للداخلية، التى لا تواليه.. محاكمته واجبة.. ولكننا نريد شرطة مهنية، وليس مجرد مشوهين نفسيا غير محترفين يصورن من يلقون القبض عليه وهو بملابسه الداخلية، وهم يبتسمون ببلاهة.
(3)
والآية الليلة مقلوبة..
الإخوان اليوم هم المعارضة التى تعتصم أمام المنشآت، وأبناء التنظيم الذين اعتبروا بالأمس كل من كانوا عند سجن بورسعيد يستحقون القتل، لأن بينهم مسلحين فوجئوا بالإعلام يهلل لمقتل عدد أكبر منهم بنفس الحجة اليوم.
رواية الإخوان عن مذبحة الحرس الجمهورى مفهومة.. فهم لا يرون فض اعتصام وإزهاق الأرواح جرما، لطالما برروا للعسكر أو فعلوها بأيديهم في الاتحادية، هم مشكلتهم أن هؤلاء المعتصمين كانوا يصلون الفجر وفلان كان يقرأ القرآن والأخت فلانة أصيبت وهي تذكر الله.
تفاصيل الرواية الإخوانية الملحمية ليست للدعاية، ولكنها مبرراتهم الحقيقية لعدم فض الاعتصام.. نحن أطهار ولا ينبغي فض اعتصامات الأطهار وقتلهم.. نحن لسنا مثل الخمورجية العلمانيين، الذين كانوا يقتلون في السنتين ونصف الماضية وكنا نشارك في ذلك أو نسكت عنه.
لكن عدم تصديق رواية الإخوان للأحداث شيء والصمت على مذبحة متكاملة الأركان ارتكبها العسكر شيء آخر.
فليشمت في الموت من لا يموت.. وليفرح في القتل من يضمن أن الرصاص لا يخترق رأسه.
(4)
تسلل من صديقك عضو الإخوان ثم فجأة أمسكه من كتفيه وهزه هاتفا:
ــ أبوك مات يا صاحبى.. أبوك مات وربنا.
فالإخوان يعيشون منذ 3 يوليو داخل كواليس فيلم آسف على الإزعاج.. فهم كأحمد حلمى يحدثون والدهم أو رئيسهم، الذى انتهى أمره من فوق منصة رابعة، ولا يعلمون أنهم يعيشون وهما كبيرا.
محمد مرسي وإخوانه في التنظيم أرادوه تدخلا عسكريا، وليس مظاهرات شعبية تنتهى بانتخابات رئاسية يعلمون أنهم سيخسرونها.
عجائز مكتب الإرشاد في أوج نشوتهم الآن.. رفضوا أن يعلن رئيسهم انتخابات مبكرة، كى لا يقال إنهم فشلوا في إدارة الدولة، وخرج عليهم الناس ثم خسروا انتخابيا.. فالعدو الذي يسجن ويهددهم واضح.. والآن التنظيم متماسك في مواجهة القمع والمطاردات، ولا أحد يسأل كيف أوصلنا انحطاطنا السياسي والأخلاقي إلى الوقوف وحدنا في إشارة مرور نبيلة عبيد.
(5)
المتحدث باسم الداخلية يبرئ الشرطة من كل ما ارتكبته في الثورة.. وشعبوية تمجيد الجيش تتصاعد لتغسل تاريخ دولة القمع وتعيد بناءها، بينما نهلل بسعادة.
تعتقد أن الخطر على الثورة يكمن فيمن يحلمون بالخلافة في إشارة مرور بمدينة نصر.. خطأ.. هم الآن مجرد ماض لا أكثر.. ومن يطارد الماضي لا يصنع المستقبل.
التحدي الآن أن نضغط لتكون 30 يونيو تصحيحا حقيقيا للمسار الديمقراطي فلا نقع في فخ التبرير.. وأن ندخل تعديلات دستورية تضمن الحرية للجميع.
تتصور أنني أقصد أن الدور سيأتي عليك إن لم تدافع عن الحرية.. خطأ.. الأسوأ أن الدور لن يأتي عليك أبدا.. ستبقى طويلا في مظاهرات تهلل للجيش، وتنظر بسعادة للطائرات تستعرض فوق رأسك.
إن كنت لا تعلم هذا هو الأسوأ..
فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ