لنتفق أن ما حدث فى 30 يونيو ثورة شارك فيها كل القوى ضد حكم الإخوان ومندوبهم فى قصر الرئاسة محمد مرسى، الذين كانوا يفرضون حكمًا دينيًّا فاشيًّا.
.. وقد نجحت الثورة فى خلع الإخوان.
.. وكانت المطالب هى العودة إلى الأهداف الرئيسية لثورة يناير التى تم السطو عليها وتحولت إلى ثورة الإخوان، وأصبحوا هم الثوار الأحرار الذين سيكملون المشوار.
.. فالشعب يريد دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
.. والشعب يريد العدالة الاجتماعية.
.. والشعب يريد الكرامة.
.. والشعب يريد الحرية.
.. والشعب يريد دستورًا يليق بمصر فى هذه المرحلة.
وبعد ثورته التى تحمّل من أجلها الكثير.. وسمح لقوى أن تجرّب نفسها فى إدارة البلاد ومنحها الفرصة.. ولكن لم تكن عند حسن الظن.. وفرضت دستورًا طائفيًّا.
فلا يُعقل أن تقوم ثورة من أجل التغيير، ولا يحدث تغيير.
.. وإنما تستعين ببعض الآليات.. بل والأشخاص الذين لم يقدّموا أى شىء فى المراحل السابقة سوى النفاق والانتهازية.
.. فهل يليق بثورة تطالب بتغيير الدستور الإخوانى.. فإذا بها تتبنى ما طرحه محمد مرسى فى خطابه الأخير؟!
.. هل يليق بثورة استطاعت أن تعيد مصر مرة أخرى من احتلال قوى استبدادية، فإذا بها أمام إعلان دستورى يشبه ما جرى بعد ثورة 25 يناير.. وناقصة أن يستعير التعديلات الدستورية التى أُجريت عليها فى مارس 2011.
.. فمن غير المعقول أن الرئيس «المؤقت» فى الإعلان الدستورى هو الملك المنزه المسيطر على كل شىء.
.. ومن غير المعقول نفاق القوى السياسية الإسلامية التى أظهرت خلال الفترة الماضية مسؤوليها فى فشل الإدارة.. والفشل السياسى التى مرّت به البلاد خلال حكم الإخوان.. وتحالفهم على المكاسب وتوزيع المناصب.. والتحالف الذى ما زال سائرًا حتى الآن.
.. فالشعب يريد دولة مدنية ديمقراطية.
.. ومن هنا كان لا بد من الوضوح فى الإعلان الدستورى، وأى نعم مصر دولة إسلامية.. ولكن ليس على طريقة الإخوان الكاذبين والمضللين الذين يمارسون الإجرام.. ولا على طريقة حزب النور الذى لم يكن له فى «الثور أو الطحين» وسارع بعض قياداته لتقسيم المكاسب بالتحالف مع الإخوان، وفى وقت الأزمات يختفون.
.. فأين كان حزب النور فى ثورة 30 يونيو.
.. وهل سمع أحد عن قيادات حزب النور التى كانت لها صولات فى مجلس الشعب المنحل أو فى مجلس الشورى الباطل؟!
.. بل إنهم صرفوا لنا بعض المشايخ الذين بايعوا محمد مرسى وجعلوه مقدسًا ولا يجب الخروج عليه أو الثورة عليه.. ومَن يفعل ذلك فهو كافر!!
.. إن ما حدث فى الإعلان الدستورى الجديد لهو العار.. وهو السير على نفس طريقة إدارة جنرالات معاشات المجلس العسكرى الذين فشلوا فى إدارة البلاد بعد ثورة 25 يناير، وهادنوا قوى إسلامية فاشلة حتى سيطرت جماعة الإخوان وحلفاؤها من القوى «المتأسلمة» (ووصل التحالف فى النهاية بين الإخوان وقوى إرهابية تنتقم من الشعب).
.. إن الإعلان الدستورى أيضًا يكشف عن أن لجنة صياغة الدستور سينحصر عملها فى تعديلات على الدستور الطائفى الإخوانى.. وليس وضع دستور جديد يتّفق مع مبادئ وطموحات الثورة.
.. لقد سُرقنا مرة.. ومن العيب أن تتم سرقة الثورة ثانية.
.. ومن العيب أيضًا أن مَن شارك فى دستور طائفى يشارك أيضًا فى إعلان دستورى أو دستور بعد الثورة.
.. فإذا كانت هناك شخصيات تستطيع أن تقدم نفسها بانتهازياتها لأى نظام وفى أى وقت بمنطق «الخدامين».. فمن العيب أن تستعين بهم.
المستشار عبد المجيد محمود قدّم درسًا قاسيًا لمحمد مرسى وجماعته.. فالرجل مستغنى.. ولعلهم يفهمون.