1- أنى أشم رائحة ممدوح شاهين.
2- بمعنى آخر أرى خلف الإعلان الدستورى نفس العقلية التى صنعت الخديعة الكبرى فى المرحلة الانتقالية الأولى.
3- المستشار طارق البشرى أول شريك فى الخديعة الأولى، اعتزل المشاركة فى ترتيبات المسار الملعون، وحافظ على مسافته، مدافعا عن الخبرة والمعرفة، متنصلا «دون اعتراف كامل» من مشاركته فى الخديعة.
4- أما الشريك الثالث، صبحى صالح، فظل على موقعه ممثلا «صندوق اللا وعى الإخوانى» الذى جمع نفايات كل الحركات والتنظيمات التى تعيش وتتقوّت على الهزائم.
5- الخديعة فى الانتقالية الأولى عبرت عن خضوعنا لابتزاز ما بعد هزيمة يونيو 1967.
6- الابتزاز صعد بالإخوان وصحبتهم من تنويعات التيار الإسلامى إلى التمدد والازدهار، اعتمادا على أن مصر هزمت بسبب ابتعادها عن الدين.. وأن «الإسلام هو الحل».
7- وطالما كان الإخوان خارج السلطة، أو فى موقعهم كسلطة نقيضة/بديلة، أو احتمال وارد كان الشعار يكسب رغم غموضه وكونه سرابا بلا ملامح.
8- كسب الإخوان من استقالة الدولة بعد 1967 من دورها، وانهزامها فى تقديم تنمية/حلول لمشكلات أساسية/ظروف معيشة محترمة فى التعليم والصحة والسكن.
9- الدولة المستقيلة قبلت ابتزاز الجماعة العائشة على استقالتها وهزيمته، وأرادت دائما إثبات تدينها بإجراءات شكلانية/قوانين مائعة/شعور بالذنب، كأن الدولة «الحديثة» ضبطت فى مكان مشبوه وتريد الستر.
10- مع مبارك وصلت الدولة إلى حالة احتضار طويلة، وبتقاسمها السلطة مع الإخوان «مبارك له الثروة والسلاح والإخوان لهم الشارع» وصلت مصر إلى انحطاطها الكبير.
11- وبعد الثورة استمر الابتزاز/الانحطاط/الاحتضار، ولم يكن أمام الدولة القديمة بتركيبتها هذه إلا المسار الذى أودى إلى النهايات المأساوية للإخوان وكل تنظيمات الابتزاز بالدين.
12- الماسأة التى تعيشها هذه التنظيمات أنها مع وصول الإخوان إلى مركز الحكم فى الدولة، انكشفت الخديعة، وبأن شعار «الإسلام هو الحل» لم يكن سوى بيع الوهم فى زجاجات.. خطر على الدولة وعلى الإسلام أيضا.
13- الماسأة فى أن هذه التنظيمات وعناصرها الفعالة، ظلت فى عالمها الافتراضى، خارج التاريخ، منفصلة عن الواقع، وفى نفس اللحظة أدركت استحالة تحويل أوهامها «بدولة الخلافة/والحياة المتخيلة للقرن الخامس الميلادى» إلى حقيقة.. ظل الإخوانى/وتنويعاته السلفية والجهادية المقتنع بهذه الأوهام معلقا بين الأزمان، والمجتمعات، حالة صعبة الاندماج، وغير صالحة للاستمرار عند وصولها إلى الحكم.
14- وهنا خرج المجتمع المصرى جسدا كبيرا، ضخما، يتخلص بنفسه من الخضوع لابتزاز التنظيمات المأساوية.
15- الجسد الكبير للمجتمع قدم تجربة جديدة فى التغيير، ما دامت العملية كما تسيطر عليها أجهزة نصف عاجزة «بقايا الدولة» وتنظيمات تشحن الوهم إلى مداه المرعب، وتوهم جماهيرها بأنها فى معركة دفاع عن الدين/الإسلام، وتعتبر المعترضين على كفاءتها، وعدم صلاحيتها، وفراغها السياسى بأنهم كفار/أعداء الدين/طالبى الانحلال.
16- خرج المجتمع رافضا الابتزاز، ومعلنا بأنه يريد دولة حديثة/محترمة، لا تخضع لتجار الدين، والفاشلين والكذابين الذين يريدون نشر الرعب باسم الله.
17- لكن نفس العقلية التى لم تتعلم من الخديعة الأولى، تعيدنا إلى نفس نقطة الخضوع للابتزاز باسم الدين، وتحشر فى أول إعلان دستورى بعد موجة 30 يونيو كل النفايات التى فخخها الإخوان ومن حالفهم من السلفيين.
18- المادة نفسها التى اعترف البرهامى بأنه خدع الجميع لتمريرها، يضعها الإعلان الدستورى.
19- المادة نفسها التى تؤسس لدولة الفقيه على الطريقة المصرية.
20- مادة لن تصلح لمصر ولا لمجتمعها المبنى على التعدد لا على احتكار طائفة، ولا لسلطة فقهاء، مجتمعها الذى دافع بكل قوة عن هذا التعدد وتلك الهوية البعيدة عن الطائفة والمذهب، هوية الحياة المشتركة للمصريين فى دولة أسسها «ألبانى مسلم» ووضع أسس ماليتها «أرمنى مسيحى» لكنها صنعت تركيبتها من كل هذه العناصر.
21- المادة موضوعة للاستهلاك المحلى داخل التنظيمات الباقية بعد سقوط الإخوان، مثل حزب النور، وعبد المنعم أبو الفتوح العائش والمحبوس فى سحر المنشق.
22- المادة موضوعة أساسا لابتزاز جديد/محتمل يدخلنا فى متاهات المذهب وتقديس اجتهادات الفقه وتحويلها إلى مواد غير قابلة للنقاش.
23- مرة أخرى أنهى المجتمع المصرى بأطيافه المتعددة أطول عملية ابتزاز استمرت 85 سنة.. فهل ممدوح شاهين أقوى من التنظيم الذى خدمه فى الخديعة الأولى؟