- يصعب على الشخص العادى، بل الكثير من المشتغلين بالسياسة، أن يتصور مجرد التفكير فى احتمال لخروج جماعة الإخوان ورئيسهم مرسى من السلطة، وليس من التاريخ، وهناك أيضاً صعوبات جمة فى أن يكون هناك من المتخصصين فى علوم السياسة والتفكير المستقبلى أن يتصور ذلك أيضاً. إلا أن هناك نفراً قليلاً جداً الذين يجمعون بين صفات ثلاث هى : التخصص البحثى، والدراسة فى علم المستقبليات، والممارسة السياسية. فقراءة المستقبل لأحداث جارية لا تتم بالتفكير بالتمنى «wishful Think» أى على حسب ما أحب أو أكره، ولكنها تتم بالتدقيق فى قراءة شاملة للمشهد واحتمالات تحركه للأمام أو للخلف بالتراجع، ثم وضع السيناريوهات لتحريك المشهد فى اتجاهات بعينها تعظم من المكاسب وتقلل من الخسائر أى التحكم فى خط سير المشهد. أقول ذلك بمناسبة توقع بالخروج الكبير من التاريخ لجماعة الإخوان الإرهابية. والسؤال هنا هو : هل هناك احتمالات قوية بانتهاء هذه الجماعة وخروجها من التاريخ؟ وهل انتحرت الجماعة بذاتها أم بأيدى غيرها؟ وللإجابة نذكر التالى :
1- هذه الجماعة نشأت عام 1928 بالتحالف مع الإنجليز، وحاولت السطو على ثورة 23 يوليو 1952 وفشلت، ولكنها سطت على ثورة 25 يناير 2011 ونجحت فى السيطرة على البرلمان، ثم مقعد الرئاسة.
2- مكثت الجماعة 83 عاماً فى جبهة المعارضة والدور الدعوى السياسى، ثم تمكنت مؤخراً من السيطرة لمدة عام ونصف رسمياً «يناير 2012 – 30 يونيو 2013». وخلال عام 2011 كانت تمارس دوراً ضاغطاً على طريق الوصول للسلطة بالتحالف الخارجى «أمريكا أساساً»، وعلى الجيش فى الداخل حتى وصلت للسلطة فعلياً عبر صفقات المثلث الشيطانى «الإخوان – المجلس العسكرى – الأمريكان» والتى سبق أن تحدثت فيها من قبل أن يصلوا للسلطة فى يناير 2012، وكانوا يكذبون ذلك.
3- حاولت الجماعة احتكار الثورة خلال وجودها فى البرلمان «5 أشهر» وخلال تولى د. مرسى «رئاسة الدولة» باعتباره الذراع التنفيذية لها فى الحكم، وتحدثت باسم الثورة وكأنها هى التى خططت لها وقامت بها دون بقية الفصائل السياسية وهذا كذب وافتراء وخداع، وقد حاولت تقليد إحدى الثورات فى المنطقة.
4- لم تستطع الجماعة خلال وجودها فى الحكم تقديم نموذج أخلاقى فى إدارة شؤون الدولة يتناسب مع أفكارها المعلنة فى الدعوة الإسلامية، وبالتالى لم تقدم مبادرة فى الاحتشاد الوطنى أو المشاركة الجماعية فى الحكم، بل أصرت على احتكار السلطة وأدواتها وسعت إلى ممارسات اتسمت بالأنانية السياسية على الرغم من مناخ الثورة، وهو مناخ استثنائى يستوجب ذلك لإتاحة الفرصة أمام الجميع للمشاركة فى بناء الوطن، واتخذت من أساليب الكذب والخداع والمراوغة سبيلاً للتعامل مع الآخرين ففقدت مصداقيتها تماماً.
5- الفشل فى الإنجاز طبقاً للوعود على مدار سنة كاملة للرئيس الإخوانى، حيث كان قد وعد بإنجاز «5» مشاكل رئيسية خلال «100» يوم ولم يحدث حتى انتهى العام، الأمر الذى شكك الشعب فى إمكانيات هذه الجماعة وهذا الرئيس فى انتشال الوطن من الأزمات، بل اقتصر اختيارهم للقيادات فى جميع المواقع على الأهل والعشيرة، واتضح أنهم معدومو الكفاءة نهائياً.
6- أعطت الجماعة، والرئيس الإخوانى، على مدار العام والنصف، اهتمامها وأولوياتها للاستحواذ على السلطة والسيطرة عليها وتحقيق سياسة التمكين للجماعة وأنصارها على حساب المصلحة العليا للبلاد، وهو الأمر المعروف بأولوية الأخونة التى جاهروا بها بلا حياء أو خجل.
7- فشلت الجماعة فى إدارة السياسة الخارجية ومصالح البلاد ومنها أزمة مياه النيل، وأكدت تبعيتها للمشروع الأمريكى الصهيونى، وناشدت الجماعة البيت الأبيض لحمايتها ودعمها بعد اندلاع ثورة 30 يونيو 2013.
تلك أهم النقاط التى كانت الشرارة التى قادت الشعب للثورة عليها فى 30/6/2013، بعد حركة «تمرد» الشعبية وتعاون كل القوى السياسية، وإصرار الشعب على عزل مرسى وجماعته للأبد. وفى 48 ساعة تمت الاستجابة للشعب، وخرجوا من السلطة ليخرجوا من التاريخ نهائياً، وللحديث بقية. الثورة مستمرة حتى اقتلاع جذور هذه الجماعة الإرهابية بعد انكشاف كل شىء من المجتمع، ومازال الحوار متصلاً.