مساء اليوم سوف تتابع كل القنوات وهى تحاول كعادتها أن تسرق الاهتمام لتعرض البضاعة التى لديها من مسلسلات وبرامج رمضانية، هل أنت حقًّا فى حالة نفسية تسمح لك أن تشاهد عادل إمام «العراف» ومنى زكى «آسيا» وخالد صالح «فرعون» وغادة عبد الرازق «حكاية حياة» وهانى سلامة «الداعية» وغيرها وغيرها؟ هل يعنيك فى كثير أو قليل إذا كانت يسرا قد غيّرت جلدها كما تؤكد فى «نكدب لو قلنا ما بنحبش»؟ هل أنت حقًّا يشغلك مصير «واوا» هيفاء وهبى وتريد أن تتأكد أنها فى «مولد وصاحبه غايب» قد أنزلت هزيمة نكراء بغريمتها فى المسلسل فيفى عبده؟ هل تحن لكى تشم رائحة دخان الحشيش فى «مزاج الخير» وهو ما يعد به مصطفى شعبان جمهوره الذى ينتظره ليكمل الثلاثية بعد «العار» و«الزوجة الرابعة»؟المشاهد الذى تعوّد فى الماضى أن يمسك «الريموت كنترول» وينتقل من قناة إلى أخرى هل هو حريص هذه المرة أيضًا أن يضبط مواعيده على هذا البرنامج متلهفًا أن تكشف فلانة عن أسباب طلاقها وتروى علانية عن عدد المرات التى خانت فيها زوجها؟لن تستطيع كل هذه القنوات حتى المتخصصة منها فى الدراما أو المنوعات أن تعزل الشاشة عن الشارع.. الثورة التى تعيشها مصر تجعل من المستحيل أن نتحول فى لحظات إلى كائنات تليفزيونية وننصب أمام الشاشة الصغيرة كما تعودنا فى مثل هذه الأيام خيمتنا الرمضانية.. ألم تلاحظ أن عدد المهنئين بحلول شهر رمضان ولو حتى برسالة تليفونية قد تضاءل بالقياس بالعام الماضى، لقد انخفض إلى أكثر من النصف بيع الفوانيس، أليس هذا مؤشرًا عن أن ما يجرى فى الشارع ألغى كثيرًا من الطقوس الرمضانية المعتادة.
الحالة المزاجية للجمهور لا شك لعبت دورًا فى كل هذه المتغيرات، تستطيع أن ترى أنه قبل عشرة أيام حدث تراجع فى إيرادات الأفلام والعديد من دور العرض أغلقت أبوابها، لأن الناس إما فى الميادين أو أمام الشاشة يتابعون ما يجرى فى الميادين، ربما والحال كذلك سوف نجد أن الحل هو أن تتحول الأعمال الدرامية والبرامج إلى فواصل قصيرة بينما البث المباشر من ميادين «التحرير» و«عبد المنعم رياض» و«رابعة».
إيقاع التغيير فى مصر جاء أسرع مما تصوّره صناع الدراما والمنوعات، البرامج التى سجلت وهى تنتقد حكم الإخوان باعتباره الذى يمسك بمقاليد الأمور فى البلاد سوف تتم إعادة المونتاج أو التسجيل مع عدد آخر من الضيوف لتعانق اللحظة الراهنة بكل ملابساتها وتداعياتها، وهناك مؤثر جديد يجب أن نضعه فى بؤرة الاهتمام وهو أن فضح جماعة تملك السلطة وتمارس الحكم يحقق بالطبع حالة مكثفة من الاهتمام ويحتاج إلى قدر من الشجاعة بينما عندما تقدم نفس الاتهامات وهم خارج السلطة يصبح رد فعل المشاهد أقل كثيرًا.. كان باسم يوسف لديه الكثير من الحنكة والذكاء عندما أوقف برنامجه الجمعة الماضية، فلا مجال للسخرية بنفس المفردات، بعد أن ترجّل مرسى بعيدًا عن السلطة.
بعض المسلسلات التى تتناول الدعاة أو جزءًا من تاريخ الجماعة لن تجد نفس المردود، لأن الناس ترى الواقع ماثلًا أمامها، مسلسل مثل «نظرية الجوافة» لإلهام شاهين والذى كانت «البروموهات» التى سبقت الثورة تقدّم عددًا من مشاهده للجمهور وبه سخرية من الأصابع والقرد والقرداتى فى لمحات مباشرة لمرسى، صارت الآن فى حاجة إلى إعادة نظر، ما كان يضحكنا على مرسى وهو فى السلطة تغير بعد أن تم عزله عنها.
هل حقًّا سوف تمنح الصحافة تلك المساحات الضخمة التى ارتبطت كل عام بشهر رمضان وتعتبره موسمًا مميزًا، ألم تلاحظوا أن أغلب الجرائد بما فيها «التحرير» كانت تقلّص وكثيرًا ما تلغى صفحات الفن طوال الأيام الماضية.
إنها أوانى مستطرقة لا أعتقد أن رمضان 2013 سوف نعيشه مثل كل ما سبقه من شهور رمضانية، أنا شخصيًّا كثيرًا ما أسأل نفسى: هل حقًّا رمضان جانا وفرحنا به كما يقول عبد المطلب، أم من الأفضل هذه المرة تأجيل البرامج والمسلسلات الرمضانية إلى «شوال»؟!