يعجز فهم المصريين أمثالى عن إدراك ما يهدف إليه الإخوان وأتباعهم من نشر هذا الجو من الرعب والإرهاب والعنف فى المجتمع المصرى، الذى يتصاعد يوما بعد يوم. وما الذى يعنيه أشخاص مثل صفوت حجازى الذى صرح قائلا
«نحن فى رابعة العدوية طمعا فى الشهادة وانتظارا لها، وهناك خطوات تصعيدية ضخمة لا يتصورها أحد وسنخرج مرسى من الحرس الجمهورى ونعيده للقصر» الشهادة لأجل من يا دكتور؟ الناس تستشهد من أجل الإسلام ونصرة الدين أو تستشهد دفاعا عن الوطن والعرض، فهل يمثل محمد مرسى الإسلام؟! وهل تمثلون أنتم الإسلام؟ ومن الطرف الآخر الذى ستنتصرون عليه وتصعدون ضده؟ هل هو الشعب المصرى الذى انقلب على فشلكم؟ أم هو الجيش المصرى الذى هو جزء من الشعب المصرى؟ أم هو الشباب المصرى الذى نزل مع أهله إلى الميادين والشوارع، مطالبا بمطلب غاية فى الديمقراطية التى تتمسحون بصندوقها، وهو «انتخابات رئاسية مبكرة»؟ إذن فلتخبرونا لأجل من الشهادة وتقديم الأرواح البريئة واستنفار الشباب الغض ليلقى بنفسه إلى التهلكة؟ ومن أجل نصرة ماذا؟ من أجل نصرة رئيس وجماعة وحكومتهما الذين أثبتوا جميعا فشلا ذريعا مريعا غير مسبوق فى إدارة شؤون حياة المصريين، يوما بعد يوم، وأسبوعا بعد أسبوع وشهرا بعد شهر لمدة عام كامل، دون أن يبدو بصيص أمل فى النجاح؟ هل تدعون يا دكاترة «بديع وصفوت وعاكف» وغيركم أتباعكم من الشباب للاستشهاد من أجل «استعادة الفشل»؟ هل تدعون للقتل والاستشهاد من أجل استكمال «معاناة المصريين فى حياتهم اليومية؟» ماذا تريدون بالله عليكم من أتباعكم؟ وإلى أين تلقون بهم؟ وفى مقابل ماذا؟ مقابل حصول على ورقة ضغط مغموسة بالدماء للتفاوض على استعادة رئيس رفضه أكثر من 22 مليون مصرى فى أوراق موثقة وموقعة بالرقم القومى ومدعومة بأكثر من 25 مليون مصرى نزلوا إلى الشارع يوم 30 يونيو، مطالبين بوضع شرعية الرئيس المنتخب موضع الاختبار من خلال انتخابات رئاسية مبكرة؟ فهل هذا المطلب يا حضرات يخرجنا عن الملّة ويجعل قتالنا «استشهادا» يتسارع إليه شبابكم بتحريضكم وإشعالكم لحرائق الاستقطاب فى المجتمع المصرى المسالم عبر تاريخه؟
أما بالنسبة إلى مقولات أن هذا استشهاد من أجل الشريعة والإسلام، الذى يؤمن به المسلمون جميعا دون فضل من أحدهم على الآخر إلا بالتقوى، فأنا أطالب من يدعى ذلك أن يقدم حجته أمامنا على رؤوس الأشهاد لننضم إلى دعوته الاستشهادية، فماذا فعل محمد مرسى نصرة منه للشريعة والإسلام يختلف عما نفعله جميعا كمسلمين متّقين، علاقتنا بالله سبحانه وتعالى مباشرة ولا نزايد بها على غيرنا ولا نستخدمها مثلكم لتحقيق مكاسب سياسية دنيوية مسربلة بالمصالح الشخصية والحزبية التى لا تبتغى وجه الله خالصة له؟ أخبرونا هداكم الله، ما المكاسب التى حققها مرسى والإخوان وأنصارهم لنصرة الإسلام والشريعة فى وطن يزخر بمئات الآلاف من المساجد التى يؤمها فى كل صلاة ملايين الملايين من المصلين؟ ما الذى جد علينا فى خلال حكمكم وأدى إلى زيادة نصرة الإسلام والشريعة؟ وعلى أى أساس تدّعون أنكم تحتكرون الحديث باسم الإسلام وشريعته السمحاء؟ نحن يا سادة مسلمون قبل أن تؤسسوا جماعتكم بنحو ألفى عام ولم نكن ننتظركم لزيادة إيماننا الراسخ منذ الأزل فى قلوبنا الرحيمة التى تنفر من مشاهد القتل والقسوة والعنف التى تمارسونها!
نحن نرجوكم أن لا تزايدوا علينا فى إيماننا وفى إسلامنا وأن تعترفوا بالحقيقة الناصعة البادية للعيان وضوح الشمس، وهى أن هذا الصراع والخلاف هو «سياسى بامتياز» وأن أغراضه تتعلق بالسلطة وإدارة البلاد وتولى الحكم فى هذا الوطن الذى يجاهد من أجل مستقبل أفضل يتكاتف ويسهم فيه جميع المصريين دون استثناء ودون إقصاء فجميعنا مصريون يحبون هذا الوطن، هذا وطن يحب الحياة ويعيش فى سلام ويتقبل الخلاف فى الرأى ويتماسك نسيجه الوطنى بالتنوع الذى يثرى تراثه الثقافى. أما من يحملون السلاح بدلا من أغصان الزيتون وتطاوعهم قلوبهم على قتل أبناء وطنهم لتحقيق مطامع سياسية قائمة على الاستقطاب وأطماع السلطة، فهم بلا شك «يحرقون أغصان الزيتون» ويهددون سلام هذا المجتمع الآمن، فلا نامت أعين الجبناء!