فى اللحظات الفارقة من تاريخ الشعوب يتمايز الناس وتصبح قضية الوطنية هى المعيار الأهم للحكم على كل إنسان، أولويات المرء وانتماؤه الأول يجب أن يكون لوطنه الذى يعيش فيه ولا شىء يسبق الانتماء للوطن سواء كان معتقداً دينياً أو توجهاً فكرياً أو تفضيلاً سياسياً، عقد المواطنة يعنى أن هذه الأرض التى تعيش فيها هى ذات الأولوية على ما سواها، وإذا لم يترسخ هذا بداخلك فأنت بحاجة إلى مراجعة مفهوم الوطنية.
الوطن ليس الدين الذى تنتمى إليه وليس الجماعة أو الحزب الذى انضممت إليه، الوطن ليس انحيازاتك الفكرية والأيديولوجية، يخون الوطن من يقدم شيئاً عليه مهما كان هذا الشىء. إذا تعارضت مصلحة جماعتك مع مصلحة الوطن يجب أن تنحاز للوطن حتى لا توصم وطنيتك، ومهما أخبروك أن مصلحة الجماعة تعنى مصلحة الوطن فهم كاذبون فلا يمكن أن تكون مصلحة بضعة أفراد مقدمة على شعب بأكمله.
انظر أين تقف؟ أنت تخسر حب الشعب الذى لم يعد يعاديك فقط بل أوصلته ممارسات جماعتك إلى منتهى الكراهية والرغبة فى الانتقام منك، أنت الآن معزول من شعب أنت واحد منه لصالح جماعة منغلقة قررت الانتماء إليها ولكنها جعلت مصلحتها ومصلحة قياداتها ومشروعها مقدمة على صالح الناس.
لا تغتر بالحشود التى تقف بينها فهى نقطة فى بحر إذا قارنتها بالشعب، لا تعتقد أن هذا هو الشعب ففى البيوت وخلف ملايين الشاشات قلوب تلعنك وتلعن جماعتك وتراك ضد الشعب، لا تخدعك حالة (الإيجو الجماعى ) التى زرعوها بداخلك منذ الصغر ليتعمق فيك معنى التعصب للأهل والعشيرة والقبيلة، أنت الآن من الخارجين عن صف الوطنية واهماً أن ما تفعله مناصرة للحق والمبادئ والدين، غيبوك باللعب على عاطفتك الدينية وصوروا لك المعركة أنها ضد الدين، والحقيقة أنها معركة على سلطة ودنيا مهما حاولوا إقحام الدين فى الصراع.
يقولون لك اثبت مكانك لتموت شهيداً من أجل الدين والحقيقة المؤسفة أنك إذا مت لن تموت على الحق ولن ترتقى منازل الشهداء لأنك مت فى فتنة كنت وقوداً لها فى صراع بائس على سلطة خلعك الشعب عنها ونزلت تتحدى إرادة شعب وتقول له أنا الشعب وأنا الشرعية، فكر للحظة واحدة فقد تكون ممن طمس الله على قلوبهم فظنوا أنهم يحسنون صنعا وإذا بهم من الأخسرين أعمالا.
كلماتى ستوجعك وستحاول تلقائياً رفضها لأنها الحقيقة المؤلمة التى تهرب منها ولكن حين يزول عن عقلك وقلبك الغشاوة ستدرك أنى ناصح أمين. عد إلى حضن الوطن وتبرأ ممن يتاجرون بالدم والدين، لو كانوا صادقين لنصرهم الله ولكن الله خذلهم وكشف حقيقة أهواءهم، لا تبع آخرتك بدنيا غيرك، ابحث عن ذاتك وعد إلى ربك واسأله أن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه، ويريك الباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه، الشعب ينتظرك ففارقهم وقل لهم: الوطن قبل الجماعة.