مازال المصريون غير قادرين على تفهم الموقف الأمريكى الذى تعكسه أجهزة إعلامنا بشكل صارخ، وهو مناصرة نظام الإخوان الذى عزله الشعب بعد أن خرق الشرعية التى أتت به للحكم، وسفك دماء الأبرياء من الشباب، واعتدى على قضاء مصر الشامخ، وناصب إعلام مصر الحر العداء على مدى سنة كاملة انهارت خلالها مؤسسات الدولة وتفاقمت المشاكل فى كل مكان.
إن ثورة الشعب المصرى يوم 30 يونيو لم تردد على طول البلاد وعرضها إلا كلمة واحدة هى «ارحل»، ورغم أن البعض كتبها على لافتات بالإنجليزية، إلا أن الولايات المتحدة على ما يبدو لم تفهمها وأخذت تردد أن الجيش عزل الرئيس، محتقرة رغبة أكبر حشد سياسى عرفته البشرية فى تاريخها.
لقد خرجت الجماهير فى يناير 2011 تطالب بإسقاط النظام فانحاز الجيش إلى رغبة الجماهير وتولى بنفسه إدارة الدولة لمدة سنة ونصف السنة، لكننا لم نسمع من الولايات المتحدة أى اعتراضات، واليوم حين خرجت الملايين التى فاقت فى أعدادها من خرجوا عام 2011، وانحاز الجيش مرة أخرى لإرادة الجماهير، وضع خريطة للمستقبل لا تتضمن هذه المرة إدارته للدولة وإنما تعطى هذه المسؤولية لأصحابها من المدنيين، فكيف يكون ذلك انقلاباً عسكرياً؟
لقد صدعت الولايات المتحدة أدمغتنا بالحديث عن محاربة الإرهاب، لكن ها هى تتجاهل إرادة الشعب المصرى لتدفع فى طريق إعادة نظام الإخوان مرة أخرى إلى سدة الحكم، وهو ما لن يحدث أبداً، فهناك فى مصر شعب يقظ وسيدهس كل من يقف فى طريق تحقيق إرادته.
لقد سفك نظام الإخوان، الذى تدافع عنه الولايات المتحدة، دم الشهداء الذين فاق عددهم من سقطوا فى يناير 2011، وقام أعوانه بإطلاق النار من داخل مقر الإرشاد بالمقطم على المتظاهرين العزل، وحرضوا فى حضور رئيس الجمهورية ضد كل من هو ليس معهم من «الكفرة والأنجاس»، وقام مرشد جماعتهم بالتحريض أمس الأول ضد المسيحيين وهاجم بابا الكنيسة، متوعداً البلاد بعظائم الأمور لو لم يعد الإخوان مرة أخرى إلى الحكم، وخرج بعدها أتباعه يقتلون الناس فى المنيل وفى ميدان النهضة وفى المنصورة ويعتدون على الكنائس، فهل هذه هى الشرعية التى تتحدث عنها الولايات المتحدة؟ إنه استمرار للتاريخ الدامى للإخوان الملىء بالقتل والاغتيال، إنه الإرهاب بعينه، ووقوف إدارة واشنطن مع الإخوان ودعمها لهم ليس دعماً للشرعية وإنما هو دعم للإرهاب.