أعلنت ثورة 30 يونيو عن انهيار المسار السياسى الفاشل، الذى بدأناه من سنتين باستفتاء مارس 2011. صحيح أن المجلس العسكرى هو الذى أطلقه، إلا أن وصول الإخوان للحكم هو الذى أدى إلى الإجهاز عليه بشكل تام. فقد وصلنا بالفعل إلى طريق مسدود، بعد إدارة الإخوان السياسية السلطوية والفاشلة على السواء، هذا بالإضافة إلى صدور دستور ديسمبر الإقصائى، الذى تضمن انتهاكات صارخة للحقوق والحريات الأساسية. لذا لم يكن نزول هذه الحشود يوم 30 إلى الميادين سوى إعلان لانهيار هذا المسار السياسى بالكامل، وبالتالى انتهاء صلاحيته.
بالتأكيد، لا أحد يؤمن بمبادئ الديمقراطية يسعد بأن يكون التدخل العسكرى هو العنصر المحدد لتطور المجال السياسى فى مصر. لكن فى نفس الوقت، من الصعب إنكار أن التدخل العسكرى السريع جاء كرد فعل منقذ إزاء تجاهل الرئاسة التام للأحداث، والحقيقة هى أن تدخله هذه المرة لم يكن بهدف إدارة شؤون البلاد، كما كانت الصيغة فى 25 يناير 2011، بل فقط لإطلاق خارطة طريق جديدة.
وقد كان أمام الرئيس وجماعته مساران للتعامل مع هذا الوضع: الأول هو قبول التنحى والإعلان عن انتخابات رئاسية مبكرة، ومن أهم مميزات هذا السيناريو، الذى لم يلجأوا إليه، هو حماية تنظيم الإخوان وسهولة دمجه فى الحياة السياسية مرة أخرى وفقا لشروط جديدة، كما أنه سيكون طرفا أساسيا فى هذا المسار السياسى الجديد، إلا أنهم لم يقبلوا. أما المسار الثانى، فهو رفض الاستقالة ولزوم المكان، والتمسك بشرعية زائفة قد انتهت صلاحياتها بثورة الملايين ضدها، وهو الأمر الذى سيضطر القوات المسلحة إلى التعامل الأمنى مع الرئيس وقيادات الجماعة إلى حين قبولهم بشروط اللعبة الجديدة، ومن أسوأ نتائج هذا السيناريو، الذى اختاره للآسف قيادات الإخوان هو قابلية تحول أعضاء الجماعة لقنابل موقوتة مجتمعياً، وقد يتم تبرير الرجوع للاستبداد الأمنى لمواجهتهم، هذا بالإضافة إلى ترسيخ مبدأ التدخل العسكرى، ولو بشكل نسبى، فى الحياة السياسية.
واقعياً، خطيئة الإخوان الكبرى هى أنهم صنعوا قواعد للعبة السياسية «وفصلوها على مقاسهم»، وبما أنهم لم يشركوا الباقين فى صنعها، فثاروا جميعهم عليها. وبما أن الإقصاء لا يبنى ديمقراطية ويتنافى مع احترامنا للإنسان، فدورنا أيضا هو السعى لدمج أعضاء الجماعة مرة أخرى فى الحياة السياسية والاجتماعية، حتى تظل مصر وطناً لكل المصريين.