بالنسبة إلىَّ فإن هذا ما حدث:
١- فى ٢٥ يناير ٢٠١١ خرجت جموع من الشعب المصرى إلى الشوارع منددين بحكم مبارك.
٢- أعلنت قيادة القوات المسلحة أنها ستحمى المتظاهرين.
٣- أعلن الرئيس السابق محمد حسنى مبارك تخليه عن الحكم، حقنًا للدماء.
٤- وتولى مجلس قيادة القوات المسلحة (لاحظى) مقاليد الأمور.
سُميت هذه ثورة ٢٥ يناير.
١- فى ٣٠ يونيو خرجت جموع من الشعب المصرى إلى الشوارع منددين بحكم محمد مرسى.
٢- أعلنت قيادة القوات المسلحة أنها ستحمى المتظاهرين.
٣- أمهلت القوات المسلحة الرئيس السابق محمد مرسى ٤٨ ساعة للوصول إلى تسوية سياسية تُرضِى مطالب الجماهير.
٤- أعلن الرئيس السابق محمد مرسى أنه لن يتخلى عن الحكم وأن دون ذلك الدماء.
٥- عُزِل مرسى، وتولى رئيس المحكمة الدستورية إدارة البلاد، مع خارطة طريق تشمل سلطة مدنية مؤقتة (لاحظى)، وفترة انتقالية قصيرة الأمد.
سنسمِّى ما حدث فى ٣٠ يونيو «تحويلة».
لا يعنينى الآن ماذا سمَّينا ما حدث فى ٢٥ يناير وماذا سمَّينا ما حدث فى ٣٠ يونيو. يعنينى أن المسار الذى اتُّخذ فى ٣٠ يونيو أفضل، وهذا طبيعى بالنسبة إلى أى إنسانة تتطور، من المسار الذى اتُّخذ فى ٢٥ يناير. لأن المسار الذى اتخذته الأحداث بعد ٢٥ يناير كان متناقضا فى كل شىء. وليس هذا بالأمر البسيط.
كان ثورة لفظًا، انقلابًا فعلًا. مسار ديمقراطى ظاهرًا، معادٍ لأبسط قواعد الديمقراطية (المساواة ومكافحة التمييز) مضمونًا. لكننا سمَّيناها ثورة، وسمَّتها أمريكا ثورة، وسمَّاها العالم ثورة. فصارت ثورة. وصار مَن ركبوها إن أرادوا أن يخالفوا القانون تحججوا بالفعل الثورى. فاستأثروا بالسلطات، وأعطوا التشريع لمجلس ليس من سلطاته التشريع، ولا انتخب الشعب أعضاءه للتشريع، وعيَّنوا نائبا ملاكيًّا ينتهك القانون بصلف. كل هذا باسم الثورة. أما إن أرادوا أن يضربوا معارضيهم تحججوا بالشرعية الدستورية، فعذَّبوا وقتلوا مواطنين مصريين على أبواب قصر الاتحادية، وعند أبواب المقطم.
ملخص شرعية حكم مرسى، وتناقُض مسار ٢٥ يناير، يتلخص أفضل ما يتلخص فى مشهدين. لن أحتفظ بغيرهما فى مذكراتى اليومية عنه: المشهد الأول لرئيس شرعى يرسل أنصاره لحصار المحكمة الدستورية التى أقسم أمامها اليمين ويمنعها من تأدية وظيفتها. رئيس يسمح لأنصاره بتعذيب وقتل مواطنين على سور قصره الرئاسى، ثم يخرج ليذيع عن هؤلاء المواطنين أكاذيب.
شكرًا لشجاعة البرادعى فى قبوله أن يكون فى صدارة الصورة. شجاعة سنعرف بعد ذلك قيمتها وثمنها. بالنسبة إلىَّ هذه صفحة وانطوت. لن أغرق فى النقاشات البيزنطية عنها. سأفكر للأمام، كيف يمكن أن نصل بالبلد إلى ما حلمنا به. بلد ديمقراطى حر متسامح يساوى بين جميع أبنائه. ولا يسمح بالتحريض. وطن ذكى، لا تنطلى عليه الأقوال الحلوة، بل ينظر إلى الأفعال ويقرر. وطن ينفق الوقت فى تنمية المنطق.