شهر رمضان الكريم له مكانة كبيرة فى قلوبنا جميعاً وله تأثيره علينا وعلى سلوكياتنا، وإذا نظرنا إلى المعنى اللغوى لكلمة رمضان فسنجد أن أصل كلمة رمضان هو «رمضاء» وهو الحر الشديد الذى يشكل المعادن..
فرمضان يعيد تشكيل نفوسنا.. فالإنسان يستطيع أن يعيد تكوين نفسه عن طريق قيادته لنفسه، فالنفس مثل الدابة، إما أن تقود الإنسان إلى الله أو أن تلقيه فى طريق الشهوات، فالصيام يمنعنا عما هو مباح، والذى يستطيع أن يمنع نفسه عن المباح فأولى به أن يمنع نفسه عن الحرام.. ولقد رزقنا الله نعماً لا تعد ولا تحصى، والنعم دائماً فيها متعة مباحة وفيها فتنة ساحرة، فكل النعم لله فيها حق ولنا فيها متعة، ولا يجب أن ننسى حق الله، حتى لا نكون عبيداً لمتعتنا.. ونحن فى هذه الأيام المباركة نستقبل هذا الشهر الكريم لن نجد إلا رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، لنقتضى به فى الاستعداد لهذا الشهر المعظم، وقد قَالَ رَسُولُ الله، صلى الله عليه وسلم: كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ لَهُ إلا الصِّيَامَ ، فَإِنَّهُ لِى، وَأَنَا أَجْزِى بِه، وَالصِّيَامُ جُنَّـةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفـثْ، وَلا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّى امْرُؤٌ صَائِم، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْك. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَـرِحَ، وَإِذَا لَقِىَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِه..
ونجد أن الله سبحانه وتعالى لم يصف لنا ثوابه عن صيامنا، لأنه أكبر من تصورنا فهذا الشهر الكريم هو هدية ربانية لنا جميعاً لنتقرب فيه من الله عز وجل، فالله يكون مقبلاً على عباده فلا ينبغى أن نعرض عنه، وقد علمنا رسولنا الكريم أن نتقى الله فى أنفسنا وفى بعضنا البعض، فلنترك المشاحنات والبغضاء ولنتعلم حسن الظن ببعضنا البعض.. وهذا الشهر الكريم هو شهر اجتهاد لبداية الصلح مع الله وليس اجتهاداً لقطف ثمرة فقط، فمن الممكن أن نتخذ خطوة إلى الله ولتكُن هذه الخطوة بنية الاستمرار فيها والثبات عليها حتى بعد انتهاء هذا الشهر الكريم.. فالدنيا هى متاع الغرور وهى إما أن تكون بابنا إلى الله أو حجابنا عن الله، وقد قال رسولنا الكريم: «نْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِى قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِى رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ».