الأولى قامت ضد حكم الجنرال المقنع «نصف المدنى/نصف العسكرى».
والثانية أنهت أسطورة حكم العسكر «أو بمعنى أدق وصاية مؤسسة العسكر المستمدة من انتصار الضباط الأحرار فى يوليو ١٩٥٢».
والثالثة.. تنهى على الهواء مباشرة دولة الفقيه/المرشد وتنظيمات الابتزاز ونشر الكآبة العمومية وإرهاب الناس باسم الله والإسلام.
مع كل موجة كنا نصل إلى مرحلة أفضل.. لكن أخطر.
التحديات تكبر ولا تتوقف..
والمؤسسات المعادية أو المضادة للثورة «دولة قديمة / إخوان /تحالفات المال والسلطة» تحاول تطوير وجودها للتوافق مع كل موجة.
فى كل مرة تتصور إحدى هذه القوى إمكانية ركوبها الدائم على الثورة.. وفى كل مرة ينتهى هذا إلى تفكيك الأساطير القديمة أو تحطيمها /تدميرها.
هكذا مثلا تصور المجلس العسكرى «القيادة العجوز / بمصالحها القديمة المتهالكة /عقليتها المحفوظة فى فورمالين سياسى».. أن طلبها من مبارك الرحيل، يمكن أن يتحول إلى صك مبايعة يعود فيه الشعب إلى النوم مبكرا ليتفرغ العسكر فى غزل ونسج دولة على هواهم ومزاجهم الأبوى الخالص.
تصور المجلس فى مرحلة «المشير والتماسيح العجوزة» أنهم سيمدون فى عمر «دولة يوليو..» التى تحتضر منذ يونيو ١٩٦٧.
انتهى الصدام بين التماسيح والثورة إلى تهشم أسطورة الوصاية العسكرية /الكاكى.. وإلى مسار ١٩ مارس الذى صاغه التقارب بين الإخوان ومجلس المشير ومهد الأرض لحكم/ وحلم الإخوان فى تأسيس ديكتاتورية مماليك إخوانية.
عبر هذا المسار الملعون دخلت مصر إلى متاهات شركة الحكم بين العسكر والإخوان إلى أن أعلن المرسى انقلابه فى ٢١ نوفمبر بالإعلان الدستورى الملعون أيضا.. هنا تكشف الوجه القبيح تحت الابتسامة الباهتة.. وتشققت الشركة بعد الكشف عن الشهوة والطمع.
ومع كل شهيد يسقط فى طريق الثورة كانت اللعنة تصيب المؤسسات التى تريد إعادة بناء دولة الاستبداد والتسلط والوصاية.
لم يفهم ركاب الموجتين السابقتين معنى التغيير فى المجتمع من الثبات إلى الحركة.. لم يعد المجتمع ثابتا ينتظر التغيير من أعلى.
أو بمعنى أدق لم يعد يحتمل التغيير القائم على الخداع.. ربما يفعل هذا دون خبرات سابقة أو بمساحة كبيرة من عدم الثقة فى النخب السياسية الجديدة، وهذا ما يدفعه إلى المؤسسات المستقرة «الجيش والإخوان».
لكن المجتمع يجرب.
يجرب وفى خبراته ووعيه مكتسب جديد وهو أنه كلما أراد التغيير فإن الشارع ملك له.
هكذا تسلم كل موجة.. للموجة التالية.. دروسا وخبرات وقوى جديدة وطاقات قادرة على إثارة الدهشة.
بينما الدولة القديمة لم يعد باق منها إلا كيانات عفنة متناثرة، ليست قادرة على أن تصبح جسما، ولم يعد لديها القدرة على إقناع المجتمع بخطاباتها المتهالكة.. تبحث فقط عن جسم كبير تعيش داخله.
الثورة تتخلص كما لم يتوقع أحد من مشروع تدميرى، حملته على ظهرها، واستخدمته الدولة القديمة فى تعطيلها.
وهذا يمنح الأمل.. ومزيدا من الثقة.
كما يعلى من درجة الخطر.