ماذا إذا اتخذ مرسى الخيار الثانى، وهو التنحى عن الحكم، مع ضمانات قانونية بعدم ملاحقته قضائيا؟! فى هذه الحالة يكون قد أنقذ التنظيم الدولى من السقوط، وحافظ على بقاء التنظيم، مقابل مقعد الرياسة، وهنا سيثور أهله وعشيرته، غير الإخوانيين، الذين صرخوا فى إشارة رابعة العدوية بحرق البلد وقتلنا وسحلنا وشنقنا وتفخيخ السيارات والثورة الإسلامية وخلافه، وسيعتبون أنه قد خلا بهم، وكذب عليهم وخدعهم، على الرغم من أنه، ومنذ توليه الرياسة، يكذب على الشعب المصرى ويخدعه، دون أن يعترض واحد منهم! وكأن الكذب والخداع علينا حلال فى حلال، وعليهم هو الكفر بعينه! ولكن، وعلى الرغم من هذا، فلو تأخر مرسى فى إعلان تنحيه، سينتقل الأمر من غضب شعبى إلى غل شعبى، وسيوجه هذا الغل إلى كل ما يحمل اسم جماعة الإخوان، والرئيس يمكن بتنحيه السريع أن يحصل على ضمانة قانونية بعدم الملاحقة الشعبية، أما لو أجبر على التنحى، أو تأخر فيه، فلن يجد قوة فى الأرض، تضمن له عدم الملاحقة الشعبية، له ولجماعته، وربما أهله وعشيرته أيضا. أليس مأزقا شديد التعقيد بالله عليك؟! ثم ماذا سيفعل مرسى، إزاء القضايا المرفوعة عليه بالفعل، والتى انتهى الحكم فى بعضها بإدانته، لو أنه أجبر على التنحى بلا ضمانات؟! ولو تصوّر هو أو جماعته أنهم يستطيعون البقاء بالقوة، عبر الكام ألف بتوع إشارة رابعة، الذين نصفهم كروش وربعهم يلهث إذا ما أخطأ وفكر، فى مواجهة شعب وشرطة وجيش، فهم بهذا يوقِّعون شهادة انتحارهم. أما لو تدخلت حماس برصاصة واحدة، فالوداع لمنفذ رفح، وللقضية الفلسطينية كلها، فمن سيجرؤ بعدها على مجرد الإشارة إليها، ورصاص الفلسطينيين أراق دما مصريا. هل أدركت يا مرسى، وهل أدركت الجماعة، التى يأتمر بأمرها، فى أى مستنقع أغرقتم أنفسكم حتى قرب أفواهكم فيه؟! كل هذا لأنكم حكمتم فظلمتم وتحيزتم وتجبرتم وتكبرتم وتغطرستم وتجاوزتم وكذبتم وخدعتم وخنتم وتغولتم على القانون والقضاء، وسلقتم دستورا غير توافقى، ولم تحترموا حتى ما سلقتموه بأيديكم، وراهنتم على البقاء بقوة أهلكم وعشيرتكم، وليس بإقامة العدل، الذى هو أساس الملك، بين الناس سواسية. أصابتكم شراهة الحكم وشهوة السلطة، ونسيتم الدين نفسه فى سبيل حكم زائل، فإذا تحدثتم كذبتم، وإذا وعدتم أخلفتم، وإذا ائتمنتم خنتم! أضعتم بصلفكم وغروركم وتعاليكم وغطرستكم وفلتات ألسنتكم فى عام واحد، كل ما فعلتموه فى عقود وعقود، ويا لَلْخسارة! تخيلوا لو كنتم قد احترمتم القانون، وصنعتم دستورا توافقيا حقيقيا، وعدلتم بين الناس سواسية، وهدّأتم من غضب نفوسكم وانفلاتة ألسنتكم، هل كنتم اليوم فى هذا المأزق؟! وضحيتكم مرسى، الذى سيواجه كل غضب الشارع وحده، ماذا يمكن أن تفعلوه لو كنتم مكانه؟!
لو كنت مكانه.. «3»
مقالات -
نشر:
3/7/2013 10:09 ص
–
تحديث
3/7/2013 10:09 ص