ربما لم تكن الصورة واضحة بمثل تلك الدرجة من الوضوح كما كانت واضحة بالأمس.. الإخوان وشعبهم وعشيرتهم من الإرهابيين والقتلة والهمج حابسين نفسهم فى مربع ميدان رابعة العدوية.. بينما المصريون وشعبهم وعشيرتهم من البنى آدمين الغلابة العاديين اللى زى حالاتنا اللى مالهومش فى الإرهاب ولا فى الأعمال السرية ولا فى الكدب والخيانة والخداع يملأون كل شبر فى مصر.. كل شبر بمعنى كل شبر..
المصريون - الذين تم الدعاء عليهم والتأمين على ذلك الدعاء الكريه فى حضرة ذلك المريض النفسى الجالس على كرسى الرئاسة بالتهديد والتأمر والحركات النص الكم – كانوا هم الأحرار تماماً فى شوارع وطنهم الجميل والعجيب.. بينما الإرهابيين والقتلة وأعضاء الجماعات السرية كانوا كعهدهم دوماً.. محبوسين.. لم تحبسهم الحكومة فحبسوا أنفسهم.. حبسوا أنفسهم بداخل جحورهم وميدانهم الوحيد ومكاتب إرشادهم وإظلامهم الروحى العتيقة..
المصريون.. هؤلاء اللى طَلَّعوا أحسن ما فيهم أيام التمنتاشر يوم بتوع الثورة.. ثم طَلَّعوا أسوأ ما فيهم على مدار السنتين اللى فاتوا.. ها هم يباغتون الجميع مرة اخرى ويقومون بتطليع أحسن ما فيهم تانى.. إلا أنه تطليع أكثر منطقية.. فها هو الشعب المصرى العادى الطبيعى مع بعضه.. وها هم القتلة والإرهابيين وتجار الدين والنصابين مع بعضهم.. إذن أصبحت التقسيمة منطقية أكثر.. أى نعم فى معسكر الشعب العادى توجد تشكيلة عجب من طوائف الشعب المصرى.. إلا أن القاسم المشترك بينهم فى الأول وفى الآخر أنهم جميعاً مصريون.. بينما المعسكر الآخر يتفق على قاسم مشترك عام.. أن مصر لا تعنيهم فى شيء ولا تمثل لهم وطناً كذلك الذى تمثله لنا.. وحتى لو عاد المصريون وطلعوا تانى أسوأ ما فيهم.. سوف تظل هناك تلك الحتة المنورة فى قلوبهم التى إذا ما قرروا السير على هدى نورها فى يوم من الأيام كيوم 30 يونيو التاريخى فإنهم سوف يفعلون..
المصريون.. هؤلاء الذين يتكون منهم نسيج الشعب الأغرب والدولة الأقدم ها هم يواصلون لعبتهم مع الكوكب ومع الحياة ويعلنون فى وجه بربر ذلك الزمن أنه «كان غيركم أشطر».. ها هم يواصلون لعبتهم مع الحياه ويقدمون نموذجاً عملياً على أنه بالفعل.. «اللى انكسر يتصلح».. ها هم يصلحون ما كان قد انكسر واضعين بذلك الإصلاح حداً لحلم دولة الجلافة الذى أراد الإخوان وتابعيهم من الإرهابيين والقتلة وطيور الظلام إقامتها فى غفلة من الزمن.. إلا أنه إنت بتتكلم فى إيه يا برنس.. دا شعب قادر وصايع وروحه فى طرطوفة مناخيره ومش طالبه معاه خالص أن يسمح لشوية إرهابيين بأن ييجوا على آخر الزمن ويقعدوا على قلبه ويتعاملوا معاه بجلافة كما يتعاملون مع بعضهم البعض.. إنه الشعب الذى إحتار فى أمره المؤرخين والفلاسفة وعلماء الأنثروبولوجى والسوسيولوجى.. إنه الشعب الذى لا يمكنك أبداً التنبؤ بخطوته التاليه.. إنتظر أن يصدق معه هؤلاء النصابين وتجار الدين ولو لمرة واحده فى حياتهم وقرر إفتراض حسن النية حتى اللحظة الأخيرة.. إلا أنهم وكعهده دوماً بهم خذلوه.. لهذا.. خرج الشعب ليؤكد لهم أن الفارق شاسع بين أن تكون طيباً فيظنك الأشرار عبيطاً.. وبين أن تكون ذئباً فيظنك الطيبون حملاً.. خرج الشعب بعد أن جاب آخره.. ليكون بكل ذلك الصبر الذى قد صبره - على المتلاعبين به وبمصيره قبل أن يؤكد لهم على أنه خلاص المسرحية ما عادتش عاجباه - قد عداه العيب وأَزَح..
الآن.. لم يعد متبقياً سوى أن تغور تلك المناظر غير مأسوفاً على جلافتها.. لنبدأ بقى فى البنا على نضافة.. ولتحيا بداخلنا الأمنيات مرة أخرى فى أنه المركب ممكن توصل «البر».. بس انت «ادعى»!