قبل كل شىء.. انتهى مشروع الإخوان المسلمين فى 30 يونيو 2013.
لم تخسر الجماعة (بخروج المصريين) الرئاسة ولا الحكم.. ولكن مشروع تحويل المصريين إلى «شعب» دولة الفقيه/والحاكم الخليفة/ وأمير المؤمنين إلى آخر هذه الصور التى تصنع هويات ووعيا مشطورا.
85 سنة من ابتزاز المجتمع المصرى باسم الدين/ الابتعاد عن الله/ الجاهلية منذ أن قرر حسن البنا تشكيل جماعة/عصابة يجهزهم فى معسكرات كشافة ليكونوا «وكلاء الله».
محمد بديع فى رسالته الأخيرة وضع عنوانا «كن مع الله».. وكأن الله يحارب معهم، هم رسله، وعلى الشعب أن يندرج فى قطعانهم بمنطق «السمع والطاعة».
لم يكن الإخوان كيانا سياسيا، لكنه استخدم السياسة ليصل إلى مركز إدارة الدولة الحديثة ليدمرها من داخلها.
الإخوان قبيلة/ طائفة، تفرض مصالحها على المجتمع كله، باعتبارها «صاحبة رسالة» وتحمل «الخلاص» الذى من أجله لا بد وأن يقدم المجتمع فروض الإذعان.
قبيلة محتلة أرادت ترتيب المجتمع حسب كتالوجها الذى يضع القبيلة/ الإخوان فى قمة وحدها، يليها القبائل الأخرى من التيار الإسلامى، ثم تسمح لمن تعتبرهم أقليات سياسية بالوجود، ولكن وفق شروط الأقلية. وفى المجتمع على الأقباط والأقليات الدينية، كما على المرأة، الوجود وفق مستوى أدنى، وبشرط إظهار حسن السير والسلوك.
هذه هى صورة المجتمع الذى لا يمكن قبول إيمانه إلا بالإذعان والخضوع لقبيلة «الطليعة المؤمنة» والجماعة التى تضع سرها فى «مكتب الإرشاد»، وهذا ما تحطم أمس بدرجة مذهلة.
سقوط الإخوان كان فى خروج الملايين بأعدادها (التى كونت جسما كبيرا غطى الأرض.. وفاض على الشوارع) وتنوعها (الدينى والسياسى والاجتماعى والثقافى والخاص بالإيمان بالثورة أو كراهيتها.. وبالدولة القديمة والتخلص منها) هذا الخروج التاريخى هو استرداد المجتمع/ لا الثورة فقط من جماعات نشر الكآبة والقتل والإرهاب باسم الله والإسلام.
وبعيدا عن إيمان هذه الملايين بالثورة (درجة الإيمان.. أو الرفض.. أو تعارض المصالح) إلا أن روح الثورة وحدها منحت القوة لمقاومة مشروع الإخوان قبل حكمهم وسلطتهم، ولتحطيم أسطورتهم قبل إزاحة رئيسهم.
الإخوان عبر الابتزاز التاريخى (نشر فكرة الذنب: المجتمع الكافر الجاهلى البعيد عن الدين) والتهديد (بالعنف والسلاح والميليشيات وقوة جيش المؤمنين) لم يبق منهم غير رئيس مسجون تحت إرادة حرسه (الجمهورى) ومنتظرا إرداة مكتب الإرشاد.
وقناص يقتل إلى آخر رصاصة، الغاضبين على الرمز.
فلا الرئيس/ المعزول/ المسجون، ولا القناص/ القاتل/ المنسى على سطح البناية الملعونة.. كلاهما لم يستطع حماية مشروع انتهى عندما تحرك الجسم التاريخى، بدون كتالوج الإرشاد والجماعة، وإمامها الذى دُفِن يوم 30 يونيو مرة ثانية.