لم يذكر د. مرسى اسم عشيرته فى خطابه؛ لأنه أراد أن يوهم الشعب بأنه يتحدث إليه فعلاً، وبالطبع لم يصدقه أحد. وقال مرسى إن الاستقطاب السياسى بلغ مدى يهدد التجربة المصرية الجديدة، وهذا حقيقى ولكن السبب فى ذلك هو مكتب الإرشاد المتعنت إلى أقصى درجة فى تحقيق الأخونة فى كل مصر وعدم الاستجابة لرغبة الشعب. وقدم مرسى كشف حسابه الملىء بالإخفاقات والخيبة القوية التى هى ليست من بنات أفكاره ولكنها صناعة نظام فاشى، الرئيس فيه عضو منفذ لا أكثر ولا أقل.
تكلم مرسى عن الاقتصاد المنهار الذى سببه الرئيسى هو الانقسام الحاد فى مصر بسبب فاشية وتعنت الإخوان. وتحدث الرئيس عن الأخطاء الكثيرة التى ارتكبها ولكنه لم يتحدث عن أكبر الأخطاء وهو تسليم البلد لنظام فاشى أحادى همّه الأول أخونة مناصب الدولة وتعيين وزراء يدينون للإخوان بالولاء التام؛ بغض النظر عن كفاءتهم التى هى متدنية فى معظم الأحوال، وتعيين محافظين معظمهم لا يصلح لشىء إلا لإدارة فصيل إخوانى.
لم يتحدث الرئيس عن خيبة جماعته فى إدارة مشكلة سيناء وعن تقاعسه فى مكافحة الإرهاب هناك، ربما لأن حضرات الإرهابيين هم من الأهل والعشيرة. لم يقل لنا سيادة الرئيس من الذى خطف الجنود المصريين وقتلهم ومن الذى حرر الجنود وكيف طالب بيان الرئاسة بحماية المخطوفين والخاطفين على قدم المساواة. من هم الذين يحتلون سيناء ويطردون المصريين منها؟ لم يقل لنا الرئيس شيئاً عن الأنفاق المفتوحة بالمئات بين مصر وغزة، وهل هناك رئيس يترك حدود بلده مفتوحة على الآخر دون حتى محاولة وضع حد لذلك ؟! وتم اغتيال ضابط شرطة كبير فى سيناء برصاص الإرهابيين وأنا أكتب هذا المقال، ودمه فى رقبة الإخوان رعاة الإرهاب.
لم يقل لنا الرئيس عدد المجاهدين الذين سوف يذهبون من مصر إلى سوريا لمحاربة نظام الأسد للتطابق مع السياسة الأمريكية وليس لمساعدة الشعب السورى. يقول الرئيس إن هناك من يخرب التجربة الديمقراطية، وأنا أقول: نعم إنهم الإخوان المسلمون الذين يدربون الميليشيات على الهواء وأمام الشعب كله وهم الذين أخروا صدور قانون الانتخابات وعطلوه عدة مرات وتعجلوا إصدار قانون غير دستورى حتى يعود إليهم مرة أخرى ويستمر مجلس الشورى الوهمى فى إصدار قوانين لا يمكن إصدارها من هذا المجلس الذى يعرف كل أعضائه وكل الشعب المصرى والعالم بأجمعه أنه غير شرعى.
يقول مرسى إنه يحرص على تداول حقيقى للسلطة، والأحزاب الفاشية يا سيادة الرئيس لا تتداول السلطة، وأنت تقول إن الاستقطاب والتطاحن السياسى يهدد الديمقراطية، أنتم الذين تهددون الديمقراطية لأنكم لم تؤمنوا أبداً فى تاريخكم بالديمقراطية سواء مع الأحزاب الأخرى أو حتى بين أبناء حزبكم الفاشى الذى لا يستطيع أى عضو فيه أن يقول رأياً واحداً أو يصلح موقفاً أو يحتج على شىء لا يعجبه؛ لأنك يا سيادة الرئيس، لا أنت ولا أى عضو فى جماعتك الفاشية يستطيع ذلك.
الذين قتلوا الشيعة ومثّلوا بجثثهم هم تربية نظامك الفاشى التحريضى المنادى بالعنف ليل نهار، وآخر اجتماع تحريضى كان يذاع على الهواء مباشرة فى حضور رئيس الجمهورية وبرعايته، وبالطبع كانت فضيحة عالمية بجلاجل.
تحدثت يا سيادة الرئيس عن مؤسسة الرئاسة ولم تتحدث عن استقالة جميع مساعديك، البعض فى هدوء والبعض بعد أن كشف الفضائح وأهمها على الإطلاق أن المؤسسة كلها ليس لها لزوم وأن كل شىء يأتى من مكتب الإرشاد. وأستغرب من مقولة الرئيس بأن منير فخرى عبدالنور وجودة عبدالخالق رفضا الاستمرار فى المنصب الوزارى! أنتم لن تفهموا ذلك لأن كليهما ديمقراطى بتربيتهما وطبيعتهما ولا يمكن أن يعملا فى نظام فاشى يعطى الأوامر فقط ولا يسمح بإبداء الرأى.
وشكر الرئيس محافظ الأقصر على استقالته وكنت أرجو أن يشكر أوروبا التى أصدرت قراراً بإيقاف الرحلات السياحية إلى الأقصر؛ وبالتالى تمت إقالته بطريقة لطيفة. تكلم الرئيس سطراً واحداً عن كارثة سد النهضة فى إثيوبيا ولم يتحدث عن ضعف حكومته فى تحجيم مخاطر هذا السد.
لقد ذكّرنى الرئيس بخطابات رؤساء الاتحاد السوفيتى السابق التى كانت تمتد لساعات طويلة ينام فيها الناس. باستثناء الأهل والعشيرة لم يعجب مصرى واحد بالخطاب، البعض شعر بأنه تافه والبعض بأنه مستفز والبعض بأنه مالوش لازمة.
والآن حين أرسل هذا المقال للنشر تكون الملايين من المصريين فى كل الشوارع من الإسكندرية إلى أسوان تنادى بالحرية.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً يتناديك.