انتقلت قوات جميع الأفرع الرئيسية والجيوش الميدانية والمناطق العسكرية وأجهزة القيادة العامة إلى حالة الاستعداد الكاملة تأهبًا لتنفيذ الخطط المصدَّق عليها من القيادة العامة للقوات المسلحة التى تنقسم إلى شقين:
الشق الأول: خاص بتأمين المنشآت الحيوية فى جميع المحافظات، ويُعتبر هذا الشق الجانب الثابت من الخطة الذى تم الانتهاء منه منذ عدة أيام بعد التعديل النهائى، وتهدف هذه الخطة إلى ضمان سلامة مواقع العمل الإعلامى والشرطى ومفاصل تسيير الحياة اليومية للمواطنين كمحطات الكهرباء والبنوك.
الشق الثانى: يمثل الجانب غير الثابت من الخطة، لأنه يرتبط بالتغيُّر فى أوضاع الشارع المصرى من جانبين: الأول يتعلق بمستوى الحشد واستمراره مما يصل بالدولة إلى حالة أشبه بالعصيان المدنى وما يترتب على هذا من التداعى المتفاقم للاقتصاد ونتيجة تعطل أجهزة الدولة عن أداء عملها، وفى هذه الحالة قد تتدخل كوادر من القوات المسلحة لإعادة دورة العمل لبعض هذه الأجهزة، أو التدخل لدى القيادة السياسية وإجبارها على التخلى عن تصلبها والتنازل لما تطلبه الغالبية من جموع الشعب المصرى.
أما الجانب الثانى فيتعلق بتطور المظاهرات السلمية إلى مستوى متصاعد من العنف يصل إلى نقطة ذروة يعنى تجاوزها طريق اللا عودة نحو الفوضى والاحتراب الأهلى الذى يهدد كيان الدولة، وعند هذه النقطة تحديدا سوف تتدخل القوات المسلحة بقوة لقطع الطريق على قيام حرب أهلية تصعب السيطرة عليها، وتُعتبر خطة مواجهة هذه الأوضاع هى الجانب الأصعب فى تنفيذ مهام القوات المسلحة لأن الأحداث فى هذه الحالة سوف تؤدى إلى تطورات وأعمال غير منتظرة فى كثير من الأحيان، مما يتطلب قدرة عالية على المناورة بالقوات فى توقيتات واتجاهات مخلتفة، مع الوضع فى الاعتبار أن أسلوب التعامل سوف يختلف من مكان إلى آخر.
وقد بُنِيَت هذه الخطة التى تتأسس على مواجهة تحولات تتصف بالتعقيد والسيولة بتقسيمها إلى أربعة محاور:
المحور الأول: تقع على قواته مسؤولية تأمين إقليم القاهرة الكبرى، وتوجَد به القوة الرئيسية من القوات المنوط بها هذه المهامّ، ويتكون فى أغلبه من قوات برية تقوم بالآتى:
1- تأمين مداخل القاهرة بالتعاون مع قوات الشرطة حيث تتولى القوات المسلحة المداخل الرئيسية بالكامل على أن تقوم الشرطة بتأمين المداخل الفرعية والثانوية لما لها من خبرات سابقة ودراية بها، وبالفعل نجحت هذه القوات فى إحباط دخول أسلحة كثيفة وأدوات قتال إلى القاهرة، وكانت كلها تخص جماعات الإسلام السياسى ومنها الإخوان المسلمون تحديدا، ويُعتبر هذا الانتشار فى المداخل خطوة استباقية لتقليل احتمالات العنف وإحباط مضاعفاته فى حالة اشتعاله.
2- قوات ثاتبة موزَّعة على نقاط استراتيجية داخل المدينة يُدفَع بها فى اتجاهات محدَّدة تغطى دوائر متداخلة للسيطرة على الاشتباكات أو أى أعمال عنف وتخريب، والقوات المكلفة بهذه المهام خفيفة الحركة والتسليح ومدربة تدريبًا عاليًا على مكافحة الشغب والإرهاب.
3- احتياطيات متأهبة فى التشكيلات التعبوية والوحدات تندفع للتدخل فى حالة تفاقم الموقف لدرجة خطيرة، أو أن تقوم جماعات إرهابية بمحاولة إشاعة الفوضى والخراب، وتقوم هذه الاحتياطيات بدعم القوات الموجودة، وتوجَد بكثافة فى حالة انتشار تامّ داخل العاصمة لفرض الأمن بالقوة.
المحور الثانى: يتمثل فى محافظات مصر جميعًا، مع التركيز على محافظات الوجه البحرى، وفى حالة حدوث فوضى كاملة فى إحدى المحافظات يتم عزلها من جميع المداخل والمخارج للوقاية من امتداد الفوضى.
المحور الثالث: يعتمد على تأمين المجرى الملاحى لقناة السويس من خلال دوريات مكثفة للوحدات المضادة للألغام بالتعاون مع الجيشين الثانى والثالث لمواجهة أى تحركات مريبة تعمل على تعطيل المرور فى القناة، كما تواصل القوات البحرية القيام بدوريات مكثفة مع امتداد سواحل البحرين الأبيض والأحمر بمساعدة من القوات الجوية لمنع أى تسلل من حدود مصر البحرية.
المحور الرابع: تنحصر مسؤولية العمل فيه على القوات الجوية التى تقوم بعمليات استطلاع جوى مكثف لرصد جميع التحركات داخل المدن وعلى الحدود مع تجهيز طائراتها المعدة لعمليات الإبرار عندما تصدر الأوامر بذلك طبقًا لتطور الأحداث.
وتقوم شعبة العمليات فى جميع الأفرع الرئيسية والجيوش والمناطق العسكرية بإرسال تقارير تفصيلية بالأوضاع إلى هيئة عمليات القوات المسلحة حتى تكتمل رؤية تفسر بوضوح ما يجرى على الأرض فى الشارع مما يساعد على بناء توقعات صحيحة باحتمالات تطور الموقف الشعبى ومدى أصرار غالبية المواطنين على تعديل الوضع السياسى، وهنا يمكن لصاحب القرار فى القوات المسلحة أن يتخذ ما يجب الإقدام عليه لحماية الإرادة الشعبية قبل انفجار الأوضاع فى نهاية يوم 30/6 أو ما بعده، إذا أصرّ النظام على المماطلة
