فى الوقت الذى بات واضحاً أمام العالم أجمع أن الشعب المصرى لم يعد يريد حكم الإخوان، أعلنت حركة «تمرد» حصولها على أكثر من 22 مليون توقيع بسحب الثقة من الدكتور محمد مرسى، وقال محمود بدر، منسق عام الحملة، فى المؤتمر الصحفى، الذى عقده أمس الأول، إن الإخوان المسلمين أبلغوا السيد عمرو موسى بأنهم مازالوا يتمتعون بدعم الأمريكان.
والحقيقة أن الجانب الأمريكى، الذى لم يخف دعمه للإخوان منذ بداية الثورة، يواجه اليوم اختباراً خطيراً سيؤثر بلا شك على العلاقات المصرية ـ العربية وليس المصرية فقط، على الأقل على المستوى الشعبى، والحقيقة أنه لا يبدو حتى الآن أن واشنطن تعى أهمية هذا الوضع، فالسفيرة الأمريكية مازالت تواصل اتصالاتها المستمرة مع أقطاب النظام الإخوانى، ولا تتوجه إلى نظرائهم من رموز المعارضة إلا بطلب الانصياع لطلبات الإخوان عقد جلسات الحوار الصورية التى لا تؤتى ثماراً.
وفى واشنطن فإن وزير الخارجية جون كيرى، الذى كان أول من دعا الإخوان للتقدم بمرشح للرئاسة، بعد أن كانوا قد أكدوا نيتهم عدم خوض انتخابات الرئاسة، يحاول التخفيف من تأثير التعاون الوثيق القائم بين سفيرته فى القاهرة والإخوان، بالتصريح الغريب الذى أدلى به أخيراً، وقال فيه إن ما يحدث فى مصر الآن شأن داخلى لا علاقة للولايات المتحدة به!!
ولم تكن قد مضت إلا أيام قليلة على الزيارة الأخيرة التى قامت بها السفيرة الأمريكية إلى خيرت الشاطر، ولم تكن قد مضت إلا ساعات على تصريح كيرى، حين أعلن الرئيس الأمريكى نفسه أن بلاده تتابع بقلق شديد ما يحدث فى مصر.
وأعلن «أوباما» فى مؤتمر صحفى عقده أثناء زيارته لجنوب أفريقيا، أن على الجيش والشرطة «ضبط النفس»، مردداً بذلك ما سبق أن صرحت به سفيرته فى القاهرة، من أن الولايات المتحدة لن تقبل بعودة الجيش المصرى إلى المشهد السياسى.
أما بقية ما دعا إليه أوباما فى مؤتمره الصحفى فقد بدا متخلفاً عن الأحداث المتلاحقة التى تشهدها البلاد، فقد طالب الرئيس مرسى بالتصرف «بطريقة بناءة أكثر من ذلك»، ورغم أن فى هذه الجملة أول نقد علنى يصدر عن الجانب الأمريكى لمسلك محمد مرسى، فإنه يأتى بعد فوات الأوان، وهو طلبه للحكومة والمعارضة التوصل إلى اتفاق، وهو ما يذكرنا بالموقف الأمريكى فى الأيام الأخيرة لمبارك حين ظلوا متمسكين بدعمهم لنظامه «المستقر»، رغم ما كان يحدث من متغيرات على أرض الواقع، فهل يرتكبون الخطأ نفسه مرتين؟!!