تمر فى عمر الأوطان.. دهور وأعوام لا تتوقف إلا قليلا.. عند أيام يتغير فيها مجرى تاريخها.. فتسطر أمجادا لا تمحى أبدا من ذاكرة الشعوب.. قبل 30 يونيو كانت حقب ومراحل كثيرة.. شهدت انتصارات وانكسارات.. أمجاداً وإحباطات.. لنتوقف كلنا ونترقب ماذا سيحدث اليوم 30 يونيو؟!
هل ستنتصر بحول الله إرادة الجماهير.. وتسقط دولة النفاق والعجز.. لتقام دولة الحرية والديمقراطية والتقدم.. أم سينتصر نظام الإرهاب والرجعية.. لتنحدر مصر إلى نفق مظلم من الصراعات التى لا تنتهى.. لنشهد يوما تقسم فيه الدولة على غرار السودان.. أو يتفكك جيشها كالعراق.. أو يتناحر جيشها كسوريا.
اليوم سيحدد مصير مصر.. ومسارها على مدار عشرات بل مئات الأعوام المقبلة.. فهل سنشهد بعد اليوم.. حملات اعتقال للثوار.. وتنكيل بالإعلام.. وعصف بالقضاء.. أم ستنتهى الجماعة التى جثمت على أنفاس الوطن.. ونمى سرطانها فى جسد مصر.. ليودع الإخوان وأتباعهم.. ليس فى السجون.. وإنما فى مصحات الأمراض النفسية.. ليعالجوا من كل الأمراض التى تمكنت منهم.
لنتخلص من شخوص.. أرادوا لأنفسهم.. متع الدنيا وسلطانها باسم الدين.. أرادوا الشهرة والمال والحكم.. ليتحولوا إلى فاسدين جدد غلبوا فى أفعالهم وأقوالهم النظام السابق.. فهم التلاميذ الذين تفوقوا على الأساتذة من قيادات الحزب الوطنى.. ليعطوا دروسا فى كيفية نهب الوطن.. وإسكات المعارضين.. وإنهاء أحلام الملايين.. بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
لقد خرج علينا محمد مرسى.. دمية جماعة الإخوان المتأسلمين.. ليتحدث على مدار ما يقرب من ساعتين ونصف.. ليطلق علينا كل عقده.. ويصف نفسه أكثر من مرة.. بأنه رئيس الجمهورية.. وأحيانا بأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة والرئيس الأعلى لجهاز الشرطة.. فهو لم يكن ليتوقع يوما أن يصبح رئيس دولة بحجم مصر.. فقد كانت أقصى طموحاته وهو منحنٍ أمام مرشده.. ومقبل يده.. أن يصير رئيس قسم فى الجامعة التى يدرس بها.
لقد تحدث مرسى بغطرسة.. غلب فيها مبارك فى قمة قوته.. وجهاز أمن الدولة يحميه ويقمع معارضيه.. فلأول مرة يتحدث رئيس مصرى ويذكر أشخاصا بعينهم.. ويوجه لهم تهما مباشرة.. وأحد هؤلاء الأشخاص هو قاض.. فعن أى دولة قانون يتحدث مرسى.. عن دولة أصبح فيها حاكمها.. فوق القانون.. يخرج عليه كل يوم.. يعتدى على اختصاص السلطة القضائية.. فيوجه التهم لهذا أو ذاك.. دون أى محاسبة له.
لقد خرجنا على مبارك وأطحنا به.. ليس لنأتى بمبارك جديد.. أكثر قمعا.. وعنجهية.. وجبروتاً.. ليدشن لحكم فرعون جديد.. ولكن هذه المرة ليس فرعون مصر.. وإنما فرعون الإخوان.. لننتقل من ديكتاتورية شخص.. إلى ديكتاتورية جماعة انتهازية بغضاء.
فقد قال مرسى فى معرض حديثه.. إنه لن تقوم ثورة أخرى.. وإن الثورة واحدة شارك فيها كل المصريين.. فقد صدق.. الثورة واحدة ستستمر حتى تنهى حكمه الفاشى.. لنستعيد شرعية الثورة والقانون.. ونستعيد معها وطنا.. حفر حبه وأحلامه فى وجدان كل الأحرار.