استفز خطاب مرسى الكثيرين، وحرضهم على النزول فى مظاهرات 30 يونيو، وأشعرهم أن هناك حكماً مستبداً لا يسمع ولا يستجيب ولا يرى إلا أعضاء الجماعة والعشيرة، ودفع البعض إلى المطالبة بإسقاط النظام حتى لو كان البديل هو المجهول، وتمسك آخرون بالآلية الديمقراطية وطالبوا بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة كمطلب ديمقراطى مشروع.
صحيح أن مرسى وصل للسلطة- على خلاف مبارك- بانتخابات حرة، حصل فيها على أصوات 13 مليون مواطن مصرى (كثير منهم ندموا على انتخابه) ونال الدستور موافقة 63% من الشعب المصرى، لذا سيصبح المطلوب هو تغيير النظام وليس بالضرورة إسقاطه، لأن الفارق بين الاثنين مهم للغاية، فتغيير النظام يعنى الانطلاق من أساس ديمقراطى يحترم أن هناك قسماً من الشعب المصرى يؤيد الإخوان، وأن من يتصور أن الجماعة ستهاجر خارج مصر أو ستلقى فى السجون واهم، فهو يتعامل مع قطاع من الشعب المصرى وصل للسلطة وفشل فى إدارتها فشلاً ذريعاً، والمطلوب إخراجه منها بآلية ديمقراطية وليس إقصاءه من الحياة العامة والسياسية، كما يحاولون هم أن يفعلوا بحق الآخرين وفشلوا.
على الجميع أن يدفع من أجل إنجاح التظاهر السلمى، والدفع بملايين من أبناء الشعب المصرى للتعبير عن رفضهم حكم مرسى سلمياً، فمن حكومة فاشلة، إلى حركة محافظين أفشل، إلى انتقام وتصفية حسابات مع الدولة ومؤسساتها، نقلنا حكم المرشد من فشل إلى فشل.
إن مواجهة فشل الإخوان يجب أن تكون ببديل ديمقراطى لا يعتبر أن إسقاطهم هو الهدف، لأنهم قد يسقطون من الباب ويعودون من الشباك، إنما تغيير الأساس الذى اعتمدوا عليه وأوصلهم للحكم، وصار من الواضح أن أغلب الشعب المصرى لن يختار رئيساً إخوانياً مرة أخرى، وأن إسقاط رئيس منتخب بغير آلية ديمقراطية (انتخابات رئاسية مبكرة مثلا) سيعنى فى الحقيقة إجراء تغيير للمرة الثانية على رأس النظام دون تغيير فى جوهره، والدخول فى خطر المواجهة الأهلية العنيفة.
إن من يبرر العنف من ميليشيات الإخوان الإلكترونية، ومن بعض القوى المجهولة التى تقول إنها ترفض حكم المرشد، أمر كارثى على مستقبل هذا البلد، فكيف يمكن أن نقبل موت طالب فى كلية الصيدلة فى عمر الزهور من إخوان الشرقية، وكيف نقبل موت مدرس من معارضى الإخوان فى بورسعيد بقنبلة زرعها خطاب الكراهية الذى يردده بعض قادة الإخوان كل يوم، وكيف نقبل دفع الجماعة بشبابها لمواجهة المتظاهرين وهم يرتدون خوذات ويطلقون طلقات الخرطوش عليهم مثلما جرى فى الإسكندرية؟!
إن كل من يستحل دماء المصريين مهما كانت توجهاته وعقيدته هو مجرم فى حق وطنه ودينه، وإن كل من يحرض على العنف من خلف ميكروفونات «رابعة العدوية» من الإرهابيين المتقاعدين، ومن رجال التطرف والتعصب الأعمى الذين دعوا علنا أمام رئيس الجمهورية إلى سحق المتظاهرين يوم 30 يونيو واتهموهم بالكفر، هؤلاء حرضوا بعض الصبية والمراهقين على ممارسة عنف مرفوض ومدان ضد الإخوان.
كل من يستحل دم أخيه المصرى مجرم فى حق نفسه قبل أن يكون مجرماً فى حق هذا البلد، وعلى الجميع أن يواجه بقوة أى عنف من أى طرف، ويعتبر أن الدم كله حرام حرام.
على الناس أن تنزل اليوم دون خوف وتصر على مطالبها فى وضع أساس دستورى وقانونى جديد لإدارة عملية سياسية لا تُفصَّل فقط على مقاس الإخوان وحدهم.