أنا من عشاق التاريخ، أعشق قراءته وتحليله واستخراج العِبر والدروس المستفادة منه، وأعشق أكثر دراسة المقارنات التاريخية بين الماضى والحاضر. ومنذ عدة أشهر عقدت مقارنة فى هذا العمود بين الفكر النازى والفكر الإخوانى، فكلاهما رأى نفسه جنسًا ساميًّا لا تتساوى معه باقى الأجناس، ورأى أنه وحده يستحق الحياة، ولا حياة لمن سواه. والمقارنة التاريخية ستدهشك، فهتلر نجح بانتخابات حرة (بالصندوق)، ولكنه لم يكد يتسلم مقاليد الحكم حتى أطاح بكل قانون وكل دستور وسعى إلى الهيمنة على كل المناصب، ليحتلها كلها النازيون فقط (يا ترى ده بيفكرك بمين؟!) وعندما اعترض البعض على تجاوز القانون والدستور، ونيزنة مؤسسات ألمانيا، خرج شباب النازية ليضربه أو يعتقله أو يعذبه أحيانا، وكان الشباب النازى يهدد ويتوعد كل مَن ينطق بكلمة فى حق الفوهرر العظيم (يا ترى ده برضه بيفكرك بإيه؟!) وانتفخت أوداج هتلر وبدأ المشروع النازى الكبير لاسترداد المجد القديم للإمبراطورية الألمانية (بذمتك مش شبه المشروع إياه!) ومن أجل المشروع العظيم، استباح النازيون الكذب والخداع واعتقال المعارضين وتعذيبهم وقتلهم بلا رحمة بل وحرقهم أحياء فى بعض الحالات (يا أخى مش عارف ليه كل ده بيفكرنى بحاجة!)، ولكن، ولأن البشر جميعهم خلقَهم إله واحد هو الحى الصمد الرحمن الرحيم الذى لم يُجِز لأى مخلوق من مخلوقاته تعذيب الجسد الذى كرّمه -عز وجل- بخَلْقه على أحسن تقويم، لم يرضَ المنتقم الجبار أن يرث الأرضَ مَن يشيع فيها الظلم والكراهية والقسوة باسمه جلّ جلاله، فدفع النازية إلى الغطرسة والتعالى حتى تظهر سوءاتهم للعالمين قبل أن يجتثهم من الأرض اجتثاثًا، ويجعلهم أثرا بعد عَين.
وربما يذكِّرنا هذا بأمر قريب إن شاء العلى القدير المعز المذل. ولكن أهم ما فى المقارنة هو موقف النازيين من حلفائهم، والمقارنة بينه وبين موقف الإخوان من السلفيين، فعندما بدأ هتلر خطته لغزو العالم وتنفيذ مشروعه النازى العظيم وقّع مع روسيا معاهدة عدم اعتداء حتى يأمن جانبها وهو يغزو أوروبا وما إن استقر فى أوروبا غازيًا حتى استدار إلى روسيا بخطة غزو أطلق عليها اسم «بارباروسا»، أو «ذى اللحية الحمراء»، وانقض عليها بكل قواته، وكاد يغزوها ويستعبد شعبها لولا قرار خاطئ واحد كان فيه خلاص العالم من النازية وشرورها.. والتاريخ عبرة لمن لا يعتبر، فمن استفاد من دروسه نجا، ومن أهملها خسر الجلد والسَّقْط، ولكن كيف لمن أغلقوا عقولهم وجمّدوا أفكارهم واعتادوا السمع والطاعة وتقبيل الأيادى والأقدام أن يفكروا بالحكمة أو يتحدثوا بالموعظة الحسنة!
خلاصة القول، أنهم مهما هددوا وصرخوا وتوعدوا وحتى وقفوا على لحاهم، مافيش فايدة.. نازلين نازلين.. وإلا بقى تبقى فين الطُّرَح!