فى رأيى أن خطاب مرسى الأخير الذى ألقاه فى قاعة المؤتمرات هو أفضل خطاباته جميعاً، لأنه قدم لأول مرة خطة واضحة لسياساته فى المرحلة المقبلة، وهى خطة إذا جاز تلخيصها فى كلمة واحدة فهى «التطهير»، والتطهير يعنى التخلص ممن هم غير الأطهار فى مختلف مرافق الدولة، وإحلال «رجالتنا» الإخوان.. أقصد الأطهار.. بدلاً منهم.
لقد طلب مرسى من جميع الوزراء والمحافظين أن يبدأوا، خلال أسبوع واحد، إقصاء كل من هم غير أطهار من الفاسدين، أتباع النظام البائد، الذين اتضح أنهم هم المسؤولون عن كل الأزمات التى تعيشها البلاد من أزمة البترول والسولار إلى انقطاع التيار الكهربائى وأزمة رغيف العيش، ورغم أن مرسى لم يحدد لنا القواعد أو الضوابط التى ستتم بها عملية التطهير هذه فإنه لم يكن بحاجة لذلك، فانقطاع التيار تم عن طريق دفع 20 جنيهاً لأحد العاملين فى محطة التوليد، والبنزين تم تفريغه فى الترع والمصارف، والمظاهرات المسؤول عنها واحد اسمه فودة وواحد اسمه عاشور وواحد ما يتسماش فى المعادى، فهل هؤلاء محتاجون قواعد أو ضوابط؟ بالطبع لا، فهم غير عاملين بالدولة أصلاً.
لكن من هم الأطهار الذين سيحلون محل المفصولين الذين لابد أنهم سيكونون بالآلاف؟ إنهم طبعاً شباب الثورة بعد أن يعودوا من مظاهراتهم ضد مرسى يوم 30/6، لقد اعتذر لهم مرسى فى خطابه لأنه تم استبعادهم من كل المواقع حتى الآن، ووعدهم بأن يصحح هذا الخطأ، وذلك هو الوجه الآخر للتطهير، فهو سيتخلص من الموجودين، ويعين مكانهم عناصر جديدة من الشباب، ولنا أن نتصور من أين سيأتى بهم، وينبغى أن نتذكر أن مرسى تحدث عن نفسه بوصفه هو الثورة، والمعارضون هم الفلول المعادون للثورة، وهنا نهض بعض الشباب الذين وضعوا فى آخر القاعة، وكانوا من الملتحين والمحجبات، وصاحوا: «ثوار أحرار.. حانكمل المشوار!»، مما يعنى أنهم هم أبناء الثورة وليس من هم الآن فى التحرير.
من ناحية أخرى، أثنى الدكتور مرسى على ما تقوم به وزارة الشباب فى الوقت الحالى من تجميع للشباب، قائلاً إن الوزارة حشدت ما يقرب من مليون شاب وقَّعوا جميعاً على استمارات للانضمام إلى معسكرات صيفية تعد لها الوزارة تحت قيادة وزيرها النشط أسامة ياسين.
كل ذلك يعطينا فكرة عن نوعية الشباب الذين سيحتلون المواقع الحساسة فى إطار عملية الأخونة.. أقصد التطهير.. فهم أولاً ثوريون موالون للرئيس، ونظامه الحاكم، وبالتالى فسيأتى بهم، خاصة أن وزير الشباب حشد له منهم مليون شاب حتى الآن.
والحقيقة أن وزير الشباب، رغم إعجابى المعلن بكفاءته الحركية وبقدراته التنظيمية، ليس العنصر الوحيد الفاعل فى عملية «التطهير»، فما يقوم به الآن وزير الثقافة من إقصاء لكل القيادات القديمة فى وزارته هو أيضاً من قبيل تطهير مرافق الدولة من الفساد، والحقيقة أن هبة المثقفين ضد إجراءات الوزير التى يصفونها بالتعسف حالت دون تمكنه من تعيين الشباب الأطهار الذين تحدث عنهم مرسى فى المواقع التى خلت بالوزارة، لكن الإقصاء فى حد ذاته كان خطوة مهمة على الطريق، وحين يستقر الوزير فى موقعه أو حين يتمكن من دخول مكتبه فسيكون بإمكانه تعيين العناصر التى تتفق مع الخطة التى طرحها مرسى فى خطابه، ولاشك أن وزير الشباب لن يتردد فى إمداده بالعناصر المطلوبة من بين المليون شاب الذين حشدهم.
وإحقاقاً للحق يجب ألا ننسى أيضاً من قاموا بعملية تطهير فعلية فى أبوالنمرس، منذ أيام، والذين خلصوا البلاد من بعض غير الأطهار من الشيعة، فكل ذلك يصب فى النهاية فى خطة الإخوان لتطهير البلاد من كل غير الأطهار سواء كانوا فلولاً أو فاسدين أو شيعة أو بهائيين أو أقباطاً أو قضاة أو إعلاميين.
هذه هى الثورة الحقة وإلا فلا!!!