أسفرت جماعة الإخوان عن وجهها الحقيقى.
هى جماعة تكفيرية تمامًا.
ترفع التكفير اتهامًا ضد كل من يخالفها الرأى والرؤية.
كل من هو خارج جماعة الإخوان وليس فى عنقه بيعة للمرشد هو خارج عن الملَّة وجاهل وكافر.
هذا يفسر الانعزال الإخوانى عن الواقع والعزلة الشعورية عن الشعب والفصام النفسى الذى يربِّى ويغذِّى عندهم الإحساس بأن الكفار (الذين هم الشعب كله) يقفون ضدهم ويتآمرون عليهم «كما تآمر الإخوان فى ٢٨ يناير وحاصروا الأقسام واقتحموا السجون وهرَّبوا ستة وعشرين ألف سجين فإنهم يتصورون أن كل الناس تتآمر مثلهم».
لا تنتظر من مرسى وجماعته غير لغة التخوين والتكفير فى خطابه أو خطبهم هذه الأيام.
تماما كحلفائهم الإرهابيين الذين تفرض عليهم -كما كتبت وألححت قولًا ونصًّا- الشجاعة والاستقامة أن يعترفوا بأنهم تراجعوا عن المراجعات.
لعل بعضنا يحتفظ بذاكرته ولم يفقدها حتى الآن من جملة المفقودات العقلية التى تكاثرت بعد ٢٥ يناير ويتذكر أن الجماعات الإسلامية حين كانت حبيسة الاعتقال والزنازين فى عهد مبارك أنتجت عدة كتب ودراسات أطلقت عليها المراجعات، التى احتوت توثيقًا تفصيليًّا عن تراجعها الذى سمته تهذُّبًا أو تجمُّلًا مراجعة عن أفكار وفتاوى التطرف والتشدد التى بنت انطلاقا منها عمليات العنف والإرهاب والتكفير التى أقدمت عليها وارتكبتها فى سنوات الثمانينيات والتسعينيات، وكانت هذه المراجعات تتويجًا أو تمهيدا للإفراج الأمنى عن قيادات وأعضاء الجماعات من سجون مبارك ولم يتبقَّ فى هذه السجون بعدها إلا بضع مئات بعضهم كان يكمل فترة عقوبته.
الآن ومنذ لحظات ٢٥ يناير نرى ونسمع ونقرأ مواقف وتصريحات وخطبا فى مظاهرات وراء أخرى تزعم نبذ العنف ولا تفعل إلا تقديم نبذة من وعن العنف، تشِى بأنهم لا يزالون محتفظين بكل الأفكار التى أوردت البلاد مهالكها والتى أودت بهم إلى العنف ثم إلى السجن، وكأنهم كانوا قد كذبوا حين زعموا التراجع عنها وربما لجؤوا إلى هذا تحرُّزا من استمرار الحبس أو أملا فى انعتاقهم من رؤية السجانين. ثم مع هزيمة النظام السابق واستحواذهم على منابر الإعلام وتمكنهم من الظهور العلنى الحر فى الحياة العامة ووصول رجل من تيارهم إلى الرئاسة تخفَّف حرجهم من إعلان آرائهم الحقيقية وتجرؤوا للإفصاح عن معتقداتهم الأصيلة، فانكشف تماما أنهم لم يكونوا صادقين فى المراجعات وأن التكفير ووصم المخالفين بالكفر والخروج عن الملة لم يبرح عقولهم أبدا.
على الناحية الأخرى فإن وعاظ القنوات السلفية الذين كانوا يرتجفون من أمن الدولة والذين ظهروا أو سمح لهم الأمن وقتها بالظهور لأنهم كانوا ينافقون الدولة ويتمسحون بالرئيس السابق وانشغلوا بالرقائق والتدين القشرى ولم ينبس واحد منهم بكلمة حق عند سلطان جائر بل كان أمن الدولة يحركهم بالريموت كنترول من مكاتبه، إذا بهم يتحولون حين سمحت لهم ٢٥ يناير بالحرية إلى أبواق تكفير ويرمون الناس بحمم من القاذورات وهم الذين كانوا يخشون عسكرى المرور الواقف أمام مدينة الإنتاج الإعلامى.