ما أرجوه صادقاً أن نظل نذكر دائماً، ولا ننسى أبداً أن الدكتور مرسى استثنى اثنين لا ثالث لهما من أعضاء المجلس العسكرى، عندما أعفى رئيسه وأعضاءه من مناصبهم فى أغسطس الماضى، وكان الاثنان هما اللواء العصار، واللواء ممدوح شاهين!
أما العصار فأمره مفهوم، وأما «شاهين» فالإبقاء عليه هو الذى يجب أن يشغلنا طوال الوقت، لا لشىء، إلا لأن القول بأن استبقاءه راجع إلى إلمامه بالملف القانونى فى مجاله، كلام فارغ تماماً، ولا قيمة له مطلقاً، ولا يساوى وزنه تراباً!
لقد روى لى من أثق فى كلامه، أن اجتماعاً كان قد انعقد بعد تخلى الرئيس السابق عن الحكم بأسابيع، بين المشير طنطاوى، وبين عدد من ممثلى القوى السياسية، والقضاء، والإعلام، وأهل الرأى، وكان «شاهين» حاضراً فى الاجتماع، ولم يكن حضوره هو الذى لفت انتباه الحاضرين طبعاً، فلم يكن أحد وقتها يعرفه، وإنما الذى شد الانتباه فعلاً، وأثار دهشة الذين حضروا إلى حد الذهول، أن الاجتماع كله كان فى جانب، بينما كان صاحبنا شاهين فى جانب آخر تماماً، من حيث شكل الخريطة التى كان علينا أن نقطع المرحلة الانتقالية وفقاً لها!
كان الجميع، بلا استثناء، متمسكين بأن نقيم البناء الذى نقيمه على أساس راسخ، حتى لا ينهار فى النهاية فوق رؤوسنا، وكان تقديرهم أن هذا الأساس، الذى لا أساس غيره، هو الدستور.. إلا ممدوح شاهين.. الذى راح يزين لهم بشكل عام، وللمشير بشكل خاص، كيف أن البداية يجب أن تكون بانتخابات البرلمان، ثم الرئاسة، فالدستور فى الآخر، فكأنك، والحال هكذا، قد قلبت الهرم بحيث أصبح رأسه فى الطين، بينما قاعدته هى الأعلى تتأرجح فى الهواء!
والغريب، بل المريب، أن المشير طنطاوى، لا سامحه الله ولا غفر له، قد أخذ برأى شاهين، وتجاهل، لأسباب سوف نعرفها فيما بعد، كل وجهات النظر المضادة، والتى كانت تنصح المشير ورجاله، وقد كان البلد أمانة فى أيديهم، بما يقول به العقل السليم، والمنطق الصواب.. أى أن يكون عندنا دستور محترم أولاً، ثم ليكن بعد ذلك ما يكون!
ولا أحد يعرف كيف لم ينتبه النظام الحاكم السابق، منذ وقت مبكر، إلى أن «شاهين» كان ذراعاً إخوانية ممتدة داخل المجلس العسكرى، ومزروعة فى أعماقه.. كيف؟!
والمهم أن البلد مضى فى مرحلته الانتقالية، وفق وصفة اللواء المسمومة، بحيث أصبحنا الآن، فيما صرنا إليه من تدهور على كل مستوى، بفضل فتواه القاتلة، التى لم يشأ أن يراعى فيها ربه، ولا مصالح وطنه، بقدر ما راح يراعى مصالح الإخوان، ثم الإخوان، ثم الإخوان!
وأنت حين تلاحظ فى لحظتنا هذه أن البناء الذى أقمناه على مدى عامين ونصف العام منذ 25 يناير إلى يومنا هذا، تتداعى أركانه بقوة، وتهتز قواعده بعنف، ويوشك أن ينهار كاملاً، فاعلم، عن يقين، أن المسؤول الأول عن وضع كارثى كهذا، إنما هو ممدوح شاهين، ولا أحد سواه، ولذلك وحده ومن أجل المعادلة المقلوبة، وليس لأى سبب آخر، استبقاه «مرسى» ولم يقرر إعفاءه مع باقى زملائه!
لن يغفر الله لهذا اللواء، وإن قضى بقية عمره يصلى ويصوم!