من رحم أم واحدة خرجنا وفى بيت واحد نشأنا واختار كل منا مساره، تباعدنا فى الرؤى والأفكار وصرنا طرفى النقيض كل منا فى معسكر يعادى المعسكر الآخر، ترانى خارجاً عن الدين ومنسلخاً من هويتى وأراك مغيباً بعاطفة دينية صاغها دعاة مشروع وهمى جعل الدين طريقاً ووسيلة للسلطة.
حين عقلت الأمر وفهمت دينى بعمق أدركت أننى فى المكان الخطأ ولا بد أن أحمى الدين من هذا الدنس الذى يصيبه، تحول رفيق الأمس إلى عدو لدود لهم، يحاربونه بكل ما استطاعوا من قوة بوسائل مشروعة وغير مشروعة، رأى الشعب كله أيام الانتخابات كيف طعنوا فى دين أخيك وفى أخلاقه وكيف استحلوا الخوض فيه فى معركة تكسير عظام واغتيال معنوى طمعاً فى كرسى زائل وكيف برروا لأنفسهم ذلك لأن أخاك الذى حفظ كتاب الله منذ الصغر أصبح عندهم كافراً وفاسقاً وخائناً لأن أفكاره خالفت أفكارهم، ولأنه اكتشف زيف قولهم فتحرر من هذا الأسر العاطفى والفكرى، فعلوا كل هذا بأخيك وأنت مازلت تدافع عنهم فماذا أقول لك؟
تقول لى الآن لا تنزل مع المخربين ولا تشارك فى حشد الناس للنزول حتى لا تكون شريكاً فى القتل! من الذى يقتل؟ من الذى يدفع البلاد لحرب أهلية دامية حرصاً على البقاء على العرش؟ لا تحدثنى عن الشرعية وإرادة الناس، فالعقد قد نقضه من عاهد الناس عليه وإرادة الناس اليوم تخبرنا أنها لن تستطيع الاستمرار تحت هذا الحكم، أنا واحد من الغاضبين والمحبطين من نكث العهود وتصاعد الفشل والسير نحو تفكك الدولة، لا تعتقد كما يقولون لك أن هؤلاء الغاضبين مأجورون ومتآمرون على الإسلام فهؤلاء الثائرون لا يتبعون أحداً وليس لهم قيادة، إنهم ملح الأرض ومدادها، إنهم نبت الوطن وغراسه، ومنهم من هم أكثر قرباً لله منى ومنك ومن مرشدك.
والدتنا الطيبة لا تتوقف دموعها، يطاردها هذا الكابوس، ترى يدك تمتد لتقتلنى وسط الجموع وأنت لا تدرى، وترانى أقاوم تلك الحشود التى تقف أنت بينها، تصرخ لا تتبعوا من فرقوا بين الأخ وأخيه، لا تصدقوا من مزقوا الوطن فسطاطين فسطاط للكفر وآخر للإيمان، لا تسمعوا لمن يستحلون أنهار الدم للبقاء فى هذا المغنم.
لو كان والدنا حياً بيننا الآن لأمسك بيدى ويدك وقال لنا ما على هذا ربيتكم، الدم خط أحمر، وحدتكم ولحمتكم وترابطكم فرض عين ومن يعبث فى هذا فلا علاقة له بالدين، هل يدعو الدين أن يقتل الأخ أخاه لأى مبرر كان؟!
يا ابن أمى هذه لحظة مفاصلة فعد إلى صوابك وإن لم تنتصف للحق فلا تعن على الباطل، دينك ووطنك وأمك وأبوك يقولون لك مكانك ليس هنا!