وسط الأجواء الملبدة بالغيوم والرياح وغياب الدولة وتخبط القرارات التى نعيشها منذ ثورة يناير والثورة الجديدة التى بدأت يوم الجمعة الماضى تحت «نعم للتحريض على العنف»، بعد التهديدات التى أطلقها الخطباء من شيوخ وقيادات الأحزاب، وأحدهم توعد بثورة إسلامية حال سقوط مرسى، وآخر وصف القوات المسلحة بجيش النكسة، مما يؤكد توهج وانتشار العنف والصدامات التى ستصل إلى ذروتها بداية من نهاية الشهر الجارى والأيام أو الأسابيع التالية، بعد تصميم الإخوان والأحزاب والجماعات الإسلامية،
وعلى رأسهم الرئيس مرسى على تقسيم الشعب إلى مسلمين وكفار، وأصبح حال البلد أشبه بالسفينة التى تبحر وسط الأمواج العالية، فما كان من القبطان سوى تقسيم الركاب إلى فئتين مسلمين وكفار، لتبدأ المعركة بين الطرفين، والنتيجة الطبيعية هى غرق السفينة بالجميع، وفى مقدمتهم أمير البحار. كل ما سبق سينعكس حتما على كل مناحى الحياة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً ورياضياً، وعليه فإن استكمال مسابقات الدورى والكأس أصبح فى علم الغيب، ولا يتوقف على قرار من اتحاد الكرة أو الشرطة - التى أنهكت،
وستنهك قواها فى الأيام المقبلة - أو معالى وزير الرياضة أو حتى التراس الأندية مجتمعة ولا حتى فى يد مؤسسة الرئاسة أو مرشد الجماعة التى سترفض طبعا أى تجمعات أو مظاهرات مناهضة باستثناء أنصارها ومريديها على اعتبار أن همهم الأول والأخير هو البقاء فى السلطة وحكم مصر بأى ثمن حتى لو كان على جثث المزيد من الشهداء. وهو ما عبر عنه الدكتور يحيى نورالدين طراف فى رسالة تلقيتها إلكترونياً اخترت منها ليست ثورة الشعب اليوم ثورة على مرسى لشخصه، ولا على جماعة الإخوان، ولا على التيار الإسلامى، بل هى ثورة شعب على الفشل الذريع لرئيسه ولامبالاته فى التعامل مع كل القضايا الحيوية، وليست على انتمائه السياسى أو العقائدى، ولو كان شفيق أو غيره هو الرئيس وسلك نفس الطريق لثار الشعب ضده، هى ثورة على طوابير العيش والبنزين والسولار، وغياب الأمن،
وشيوع الفوضى، ودهس القانون ومعاداة القضاء والقضاة. وفى اختيار الوزراء ورئيسهم، وأزمة سد النهضة، مع غياب الإنصات لرد فعل الجماهير إزاء جهالة هؤلاء وأدائهم المدمر، هى ثورة من أجل أن يعود مجدداً شعار «لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً»، بدلاً من شعارهم «طز فى مصر وأهل مصر واللى فى مصر»، الذى ما وهنوا وما ادخروا وسعاً فى إعماله وتطبيقه، هى ثورة على رئيس فرط فى أمن بلاده القومى وحماية حدودها الشرقية، وجعل سيناء مرتعاً للإرهابيين وعتاة القتلة من الأهل والعشيرة، على مرسى أن يؤوب إلى الحق، ويتصرف كرئيس لمصر وللمصريين جميعاً،
وليس كمندوب للمرشد والسفيرة الأمريكية، فإما أن يصلح من شأن ما أفسد، ويعترف بأخطائه ويطلب صادقاً مساعدة كل القوى الوطنية فى تكملة مشوار رئاسته، أو فليدع إلى انتخابات مبكرة ينقذ بها ما يمكن إنقاذه من شأن هذه الأمة. أما مواصلة العناد، كما يفعل الآن، والاستقواء بالأهل والعشيرة وأرباب اللحى والجلابيب، وعتاة الإرهاب فى سيناء وحماس، فلن يقوده إلا إلى مصير الطغاة المحتوم، حتى يبلغ منتهاه، فلن ينعم بيوم واحد هادئ فى حكم مصر.