أعرف أنه سؤال صعب، وقد يبدو مثيرًا وغريبًا جدًّا، وربما مقرفًا أيضًا، ومع ذلك اسمح لى أسأل سيادتك: هل تيسّر لك أن تتأمل مليًّا وبإمعان فى سحنة وخلقة كل من الست الحيزبون آن باترسون الهاربة من متحف مخلفات عصر الاستعمار القديم وسفيرة أمريكا الحالية فى القاهرة، وكذلك سحنة صديقها «البقال» ورجل «جماعة الشر» السرية القوى الأستاذ خيرت الشاطر، وأخيرًا خلقة رجل الإرهاب العجوز الأستاذ عبد الماجد أفندى؟!
طيب، إذا كانت صحتك جيدة وتحمّلت مشقة أن تتأمل متفرسًا فى وجوه هؤلاء الثلاثة، ألم تلحظ حضرتك تقارب وتشابه ملامحهم الذى لاحظه العبد لله كاتب هذه السطور؟!
أكاد أسمع صوت قهقهتك العالية، كناية عن دهشتك واستخفافك بما جاء فى السطر الأخير، لكنى سأسامحك مضطرًا وأؤكد لحضرتك أننى قبل أن أبوح الآن علنًا بهذه الملاحظة التى استوقفتنى وأنا أتابع آخر دفعة من سيل أخبارهم السوداء المنشورة فى الصحف والمزينة بصورهم، صارحت بها عددًا من الأصدقاء وسألتهم السؤال نفسه.. ولن أكذب عليك، وإنما أعترف بأنهم جميعًا فى البداية ضحكوا مثلك واستخفوا بالسؤال استخفافًا شديدًا، لكن بعضهم عاد بسرعة وراجع ضميره بعدما استدعى من الذاكرة صور الفرسان الثلاثة، وفاجأنى واحد منهم بالقول: والله يظهر عندك.. الخواجاية باترسون يبدو من فرط حماسها ونزقها وإفراطها المتجاوز لكل حدود اللياقة فى إظهار حقيقة دعم الأمريكان وكفالتهم للمشروع الطائفى الإخوانى الفاشى فى المنطقة على حساب مصالح شعوبنا العربية عامة والشعب المصرى خاصة، بدأت ملامحها تتحوّل فعلًا مقتربة من ملامح خلقة الاتنين بتوعنا.. ينقصها فقط أن تطلق لحيتها، أو يحلق الاثنان لحيتيهما، ويبقوا الثلاثة إخوات!!
هنا هتف صديق آخر بحماس: على فكرة هذه الظاهرة شائعة بين الأزواج، يعنى تلاقى رجل وامرأة غريبين عن بعضهما ولا تربطهما أى صلة قرابة تبرر تشابههما، وبعد فترة من الزواج يلاحظ الناس أنهما يتقاربان فى الشبه حتى يظن البعض أنهما ولدا من بطن واحدة!!
التقطت أنا كلام صديقى عن ظاهرة أن بعض الأزواج يتماهى كل منهما فى الآخر لدرجة تشابه ملامح خلقتيهما المختلفة أصلًا، ورحت أبحث وأنقّب فى الفضاء الإلكترونى عما إذا كانت هذه الظاهرة محض انطباعات وتهيّؤات أم أن لها أساسًا ماديًّا يمكن إخضاعه للتفسير العلمى، ولدهشتى فقد عثرت على بحثين أكاديميين موضوعهما «تشابه الأزواج»، البحث الأول أجراه فريق علماء من جامعة ميتشجان الأمريكية، قاده البروفيسور روبرت زيونز، ونشرت نتائجه فى عام 1987، والثانى بحث أحدث أجراه فريق من جامعة ليفربول فى إنجلترا بعد نحو 30 عامًا من تاريخ نشر البحث الأمريكى «عام 2006».
البحثان أكدت نتائجهما أن ظاهرة تشابه بعض الأزواج حقيقة مادية لا مجرد انطباع، وأن هذا الشبه يتجاوز أحيانًا اتفاق وتوحّد سلوك الزوجين والطريقة التى يفكران بها، وقد يصل إلى تقارب ملحوظ فى الصور والملامح.
أما أسباب هذه الظاهرة فقد أرجعها الباحثون إلى عدة عوامل، منها «التجارب الحياتية المشتركة» و«وحدة الأهداف والطموحات» و«النجاح فى بناء أسس علاقة زوجية ناجحة وسعيدة» فضلًا عن أن «تناول واتباع أنظمة غذائية متشابهة قد يؤثّر تأثيرًا قويًّا فى تقريب ملامح صورة الزوج والزوجة»!!
باختصار، وحدة الهدف التخريبى الجامع بين الست آن باترسون من جهة، والأخ «البقال الشاطر» وحليفه الإرهابى العجوز من جهة أخرى، صنعت أساسًا متينًا «لحياة زوجية سعيدة» جمعت الثلاثة وجعلتهم يأكلون معًا عيشًا وملحًا.. لهذا ليس غريبًا أن يتشابهوا فى السلوك والكلام «راجع هلفطاتهم وتصريحاتهم الأخيرة» والخلقة كذلك!!