هل توقفت يوما أمام مشهد والدتك تمسح دموعها وهى تشاهد مسلسلا مصريا ساذجا لكنه يعبر عن آلامها؟ هل تحفظ جملة موسيقية مميزة لياسر عبد الرحمن اقتلعها من تحت طبقات الجلد الأسمر للعابرين فى شوارعنا المزدحمة؟ هل تعرف من الذى رفع الكرة التى أحرز منها حسام حسن هدفا أوصلنا إلى كأس العالم؟ هل أضحكك مشهد الفلفل اللى بيمشى فى ملوخية لينا فى «المتزوجون»؟ هل تفاخرت أمام أصدقائك بأنك حضرت فرحا فى كنيسة؟ هل استعرت رواية وضربت عليها لأنك أحببتها ولثقتك بأن الضرب على الكتب مش حرام؟ هل شاركت أصدقاءك تحويل مشهد الراقصة فى أحد الأفراح إلى مشهد كوميدى ساخر؟ هل رقصت فى فرح شقيقتك الصغرى كشقيق أصغر منها؟ هل فكرت أن توثق قصص حبك الفاشلة بأغنيات عبد الحليم؟ أو لعلك أرَّخت لإحباطاتك الإنسانية بأغنيات طارق الشيخ.
صديقى الخائف من هوجة المصريين القادمة، هل بكيت عندما يستحق الموقف فرحا عظيما؟ هل قاومت دموعك أمام «يا ليلة العيد آنستينا»؟ هل جربت السخرية المقبولة عندما كان الموقف يستدعى الشفقة «هاهاهاى.. حوش اللى وقع منك»؟ هل قاومت بثقتك بنفسك البحر وهو يتحول إلى طحينة؟ هل قاومت تدخل الصنايعية فى ذوقك ورغبتهم القاتلة فى وضع التاتش بتاعهم المزعج غالبا؟ كم مرة جربت أن تفتى فتفخر بنفسك أن تصادف وصحت الفتوى وتموت من الضحك إذا لبّست شخصا فى مصيبة؟ هل جربت حلاوة التعصب لفريقك الذى تشجعه؟ متى آخر مرة قلت فيها «سمعت آخر نكتة»؟ هل جربت أن لا تقاوم من يطل معك عبر الجريدة فى المترو بل تتنازل له عن بضع صفحات من الجريدة، ربما لا تمانع إن اصطحبها معه عندما تأتى محطته أو العكس؟ هل تفاديت أن تدهن نصف السلم فقط عندما تجدد شقتك وضغطت على نفسك حتى يكتمل تجديد الطابق كله من منطلق إنك مش عايش لوحدك؟
هل تعرف اسم عمر الشريف فى «إشاعة حب»؟ هل جربت أن تميز بين الموسيقى التصويرية لـ«إمبراطورية ميم»، و«حتى آخر العمر»؟ هل غنيتها ساخرا يوما ما فى مدرجات الدرجة الثالثة «آنستونا أومال إيه»؟ هل قفزت فى ميكروباص ردىء من أجل اللحاق بتوقيع كاتب تحبه؟ هل يعنى لك شيئا بداية أن يبدأ موسم النعناع البلدى؟ هل تتهرب من التنظير فى عبد الناصر والسادات وتكتفى بتقديم إجابة نهائية فى كل واحد منهما بناء على مشاعر سطحية «بحبه.. كان برنس.. ماباطيقهوش»؟ متى كانت آخر مرة دخلت «جمعية» أو حسبت «النقطة المستحقة عليك كواجب مؤجل منغمسا حتى أخمص قدميك فى هذا البنك الشعبى المتحرك القائم على الكلمة لا الصكوك»؟
صديقى الخائف من خروج الشعب يوم 30 يونيو، هذا شعب يريد أن يحافظ على طريقة حياته. شخص يقاوم التشويش القادم من الانحلال، بالقوة نفسها التى يقاوم بها التشويش القادم من التشدد، شعب لا يخيفك أن يتمسك بطريقة حياته ويرفض طريقتك. ربما أنت خائف لأنك لم تعش حياتهم بكل ما فيها من تركيبة معقدة لكنها صادقة.. وبينى وبينك هى حاجة تخوف فعلا.