من الأمور العجيبة والمدهشة، أن الشعب المصرى يغلى، والرئيس وجماعة الإخوان فى واد آخر، وكأنهم مأخوذون بالسلطة، منتشون بالسطوة، غشيت أبصارهم القوة.. إما هذا، وإما أنهم يكابرون ويتكبرون، ويتعالون ويتغطرسون، وينظرون إلى الشعب كله من برج زجاجى هش، هم وحدهم لا يدركون أن مطرقة صغيرة، من مطارق الحرية، يمكن أن تهدم ذلك البرج كله على رؤوسهم ورؤوس أتباعهم.. الاحتمال الثالث هو أنهم يدركون، ولكنهم يحاولون مداراة خوفهم وفزعهم بقناع من الثقة الزائفة واللا مبالاة المزيفة..
وهم يدركون أن كيانهم أهش من أن يقاوم أو يتصدى لشعب كامل، وهم بطبعهم لا يحبون المجازفة والمخاطرة، ولهذا يستعينون دوما بمن يقاتل بالنيابة عنهم، وعن شبابهم ورجالهم، مثل متحمسى التيارات الإسلامية الأخرى، الذين يخلطون بين قداسة الدين وقداسة مَن يتحدث عن الدين، والذين يتصورون أن نصرتهم وبقاءهم مرتبطان بشخص مرسى، الذى هو مجرد بشر، تمتلئ القبور بمليارات مثله، بينهم مئات، تصوروا فى حياتهم أنهم رسل فى الأرض، وأن الحياة لن تسير بدونهم، ثم ماتوا، واندثروا، واستمرت الحياة من دونهم..
أو يعتمدون على قوات من المرتزقة، من حماس وحزب الله، وكأن البلد بلا شعب أو جيش أو إرادة.. ناسين أن كل ما يمكن أن يفعله هذا، هو أن تنهار القضية الفلسطينية كلها فى قلوب المصريين، ويتخذون من غزة وحماس عدوا لدودا، بدلا من الود الذى كان يدفع الشباب إلى التظاهر بالآلاف، من أجل حقوق غزة وفلسطين، أو سيدمر آخر خيط، يمكن أن يعيد الروابط بين إيران ومصر، لو تدخل مقاتل واحد من حزب الله.. فمصر ليست كأى دولة عربية أخرى.. إنها أكبر دولة عربية، وفيها شعب عظيم، ذاق طعم الإرادة والحرية، وبنى أحلاما كالجبال، قبل أن يأتى نظام مستبد لينتزع منه أحلامه، دون أن يمس إرادته.. وشعب انتُزعت أحلامه، بعد ظلم طويل، لن يتردد فى التضحية بحياته نفسها، حتى لا يذوق الظلم والطغيان والاستبداد مرة أخرى.. والحديث متواصل.