قبل ظهور الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح مع الإعلامى خيرى رمضان بأيام امتلأت صفحات التواصل الاجتماعى على الإنترنت بعبارات تحذر من الدور الذى سوف يلعبه د.أبو الفتوح فى هذه الأيام التى تبدو فيها مصر تفيض بالزخم الرافض لما أحدثه حُكم الإخوان فيها.. وتباينت تلك العبارات بين الترقب والتوقع والتحذير الواضح والمباشر الذى يكاد يصل إلى ما يشبه الاتهام بأن د.أبو الفتوح سوف يأتى بما يساعد على إجهاض زخم الرافضين لحكم الإخوان الذين وصلت أرقامهم إلى ملايين.
والحقّ أن الدكتور أبو الفتوح عند ترشحه للرئاسة رأى فيه البعض أو توقع معادلة سياسية أخف وطأة من الدكتور محمد مرسى لكن محطات عديدة فى سنة حكم الإخوان الضلمة سحبت كثيرًا من رصيده لدى هؤلاء وبات الكلام أنهما، مرسى وأبو الفتوح، وجهان لنفس العملة، وإن تمتع أبو الفتوح بقدر أكبر من الذكاء وحظ أوفر فى التغيير، فالمسألة لا تعدو أكثر من كونها محاولة للإقناع بأن تيار البنا أفضل من تيار قطب.
والحقيقة أنه بعد هذا العام الذى جرب فيه المصريون حكم الإخوان واكتووا بناره لم يعُد من الممكن تحت أى عنوان القول بأفضلية جناح أو وجه على آخر، بل إنه يمكن القول إن تيار مرسى وما يمثله يسهل كشفه على عكس التيار الذى يمثله أبو الفتوح.. ومَن تابع لقاء د.أبو الفتوح مع خيرى رمضان لن يعدم دلائل وإشارات.. كما أنه أيضًا لن يكف عن الاندهاش من تلك القدرة الهائلة على ابتلاع الظلم باسم الشرعية والصندوق.
الدكتور أبو الفتوح فى سياق السؤال حول الأداء الفاشل والضعيف للرئيس مرسى لا يستبعد أن يكون النظام القديم أحد الأسباب، وأنا أسأله: هل النظام القديم هو الذى كان يصدر كل القرارات التى أطلقها د.مرسى وفكَّك بها عُرى مصر؟ هل النظام القديم هو الذى كان يدفع الرئيس الإخوانى طول الوقع ليدوس على الشرعية والقانون؟ هل النظام السابق هو صاحب الإعلان الدستورى وحصار المحكمة الدستورية والقتل والتعذيب على أسوار «الاتحادية»؟ هل النظام السابق هو الذى استنطق مرسى فى السودان بوعد حلايب وشلاتين؟
عن أى نظام سابق تتحدث والإخوان يبرطعون فى مصر من الإسكندرية إلى الصعيد؟ هل النظام السابق هو الذى أحال مصر إلى وكر إرهاب يتصدره محافظون قتلة؟ وهل يتصور د.أبو الفتوح أن كونه يستخدم تعبيرات مثل «أنا ضد حركة المحافظين» أو «أداء الرئيس مرسى ضعيف» سيقنع المصريين؟ هذه التعبيرات لا تبرأ ولن يبلعها المصريون.. يا دكتور أبو الفتوح، أنت تطالب الرئيس السابق مبارك بالتوبة عما قام به من مصائب فى حق هذا الوطن، حسب تعبيرك، وتطلب من الرئيس الإخوانى الحالى أن يعمل على توحيد صفوف المصريين. بذمتك وضميرك، أسألك، مَن مزَّق مصر شعبًا ويكاد يمزِّقها أرضًا؟
من أخذ مصر باتجاه الدماء؟ من أضاع هيبة مصر؟ من أسكن الإرهاب ربوع بلادنا؟
أنت تقول إنك رفضت التوقيع على استمارة «تمرُّد» لأنها مجهود شباب، وتطالب بأن تعلن الحملة أنها ضد النظام القديم.. وماذ تريد أيضًا؟! وعن أى نظام قديم تتحدث؟ إحنا فى هذا النظام الذى ركَّعَ مصر.. نعم نظام حكم الإخوان الذى يتمرد عليه الملايين من المصريين نظام ركَّع مصر.. هو الذى يحكمها الآن، أنت تريد أن تفصل ما بين رغبة الملايين فى الإطاحة بالرئيس مرسى، وكون ذلك يمثل إطاحة بالمشروع الإسلامى.. وتعتبر ذلك تسييسًا للدين.
مَن سيَّس الدين غيركم؟ من أمسك للناس بمفاتيح الجنة والنار؟ من كفَّر المعارض وأحلَّ دم المخالف؟
لا يا دكتور أبو الفتوح، الرئيس مرسى يحكمنا باسم «المشروع الإسلامى»، وإن كنا لا نعرف ما علاقة الإسلام ديننا بما يفعل بنا هو وعشيرته، والملايين الرافضة لحكمه قد اكتوت بما يكفى ويُنضِج تجربتها ويجعلها تنفخ فى الزبادى، ولسانك الحلو الدمث، قد فات أوانه. يسألك خيرى عن الرباط بالجماعة والولاء للمرشد فتقول إن كل ذلك مانشيتات إعلامية، وتأخذه إلى أرضية الرمال وتردّ عليه بسؤال: «إنت بتشتغل فى (السى بى سى)، إنت عندك ولاء لمحمد أمين؟»، وأنا أستحلفك، عندما يسألك خيرى ألم تكن لك بيعة فتردّ: «حتى البيعة لم تكن إلا عهدًا وميثاقًا، زيها زى عهد نقابة الأطباء، وهى لا تعنى لا سمعًا ولا طاعة» ثم تتهم الإعلام بما يروج عن ذلك.. بيعتك للجماعة زيها زى قسمك أمام نقابة الأطباء، وتريدنا أن نصدق أنك مختلف؟
للعملة وجهان، والمصريون تَعلَّموا بالدم والجوع.