من الذى قال إن الإخوان غفلى وإنهم لا يدركون خطورة يوم 30/6 وإنهم لم يستعدوا له؟ لقد أثبت الإخوان أنهم رجال سياسة من الدرجة الأولى وأنه لم يفت عليهم إطلاقاً ضرورة الاستعداد للذكرى السنوية الأولى لتولى مرسى رئاسة الجمهورية، فقد اتخذوا إجراءات على أكثر من مستوى تضمن نجاح ذلك اليوم المشهود الذى ستخرج فيه الجماهير عن بكرة أبيها إلى قصر الاتحادية، مقر رئاسة الجمهورية، وإلى مكتب الإرشاد بالمقطم، وإلى سائر ميادين وشوارع البلاد للابتهاج بتولى الإخوان حكم البلاد، وهى ظاهرة فريدة مثل بعض الظواهر الفلكية التى لا تتكرر إلا مرة واحدة كل بضعة آلاف من السنين.
ولنجاح تلك المناسبة، وضمان خروجها بالشكل المأمول، كان يجب على الإخوان أن يضمنوا مشاركة جميع فصائل الشعب فى هذا الاحتفال البهيج بالنزول إلى الميادين والشوارع والمتنزهات العامة، كما فى شم النسيم والأعياد القومية، حاملين معهم الأعلام واللافتات بدلاً من الملانة والفسيخ.
وكانت إحدى العقبات التى واجهت نجاح يوم 30/6 هى تلك الفئة من الشعب المسماة المثقفين، والتى كانت فى طليعة المطالبين بالثورة وفى مقدمة المشاركين فيها، لكنهم مع ذلك يتهمون دائماً بالتقاعس والانسحاب إلى برجهم العاجى، وقد لا ينزلون إلى الشارع فى ذلك اليوم، لكن العقل السياسى للإخوان تفتق عن خطة جهنمية تضمن مشاركة المثقفين الفاعلة فى أحداث يوم 30/6، فقبل هذا التاريخ بشهر واحد فقط قام الحكم الإخوانى العبقرى باستنفار جميع المثقفين على اختلاف مشاربهم بتعيين وزير يحظى برفضهم جميعاً وإصدار التعليمات لهذا الوزير بالعصف على الفور بكل قيادات المؤسسات الثقافية بطريقة عشوائية، وبلا أى سند قانونى، وذلك تفادياً لبروز بعض الأصوات الانهزامية التى كثيراً ما تعلو فى مثل هذه الظروف، داعية لإعطاء المسؤول فرصة ثم الحكم بعد ذلك على أفعاله، فها هو الوزير يتولى الوزارة وأفعاله تتقدمه، وكأنه يقول لستم بحاجة لفرصة كى تحكموا على أفعالى.
وهكذا تم حشد وتعبئة جميع فصائل المثقفين، وأصبح الآن من المؤكد أن أحداً منهم لن يتخلف عن المشاركة فى تلك المناسبة القومية الكبرى التى ستحل يوم 30/6، بل لقد نجح الإخوان أيضاً عن طريق المثقفين فى تحفيز «حزب الكنبة» من سكان الزمالك وغيره من الأحياء الذين أصبحوا يتوافدون كل يوم على اعتصام المثقفين بمكتب وزير الثقافة بالزمالك لإعلان تضامنهم مع أدباء وفنانى مصر والتأكيد على أنهم سيخرجون معهم يوم 30/6.
لكن لكى يكون احتفال يوم 30/6 بالذكرى السنوية الأولى لحكم الإخوان احتفالاً قومياً بكل معنى الكلمة كان يجب على الإخوان أن يضمنوا أنه لن يقتصر على العاصمة وحدها، وهنا أيضاً تفتق ذهنهم عن وسيلة جهنمية لاستنفار المحافظات هى الأخرى حتى يخرج أبناؤها إلى الشوارع، كما سيفعل أهل القاهرة، لقد فاجأوا الناس بأكبر حركة محافظين منذ توليهم الحكم ضمت 17 محافظاً، بعضهم من أعضاء الجماعات الإسلامية الإرهابية والبعض الآخر من الأعضاء القياديين فى حزب الحرية والعدالة، وكلهم موالون للإخوان المسلمين.
وهكذا بين يوم وليلة خرج أبناء المحافظات التى عين لها محافظون جدد، وتلك التى لم يشملها القرار، مثل الشرقية وكفر الشيخ، إلى الشوارع والميادين وإلى مقر المحافظة رافعين لافتات الترحيب بالمحافظين الإرهابيين والإخوان فى «بروفة» كان لابد منها فى المحافظات استعداداً ليوم 30/6.
واليوم أصبح من المؤكد أن مصر كلها ستخرج يوم 30/6 فى أكبر احتفال تشهده البلاد منذ مليونيات يناير/ فبراير 2011، والفضل فى هذا يعود بالطبع إلى عبقرية الإخوان التى لم يكن لأى قوة سياسية أخرى أن تعبئ الناس وتوحدهم خلف هدف واحد كما فعلت الجماعة، التى سنحتفل جميعاً بالذكرى السنوية لها يوم 30/6 هذا العام وكل عام.. تعيشوا وتفتكروا!!