العقل هو الأمانة التى كلف بها الإنسان من قبل الله سبحانه وتعالى، وعرضت هذه الأمانة على السماء والأرض والجبال فأبين أن يحملنها، والعقل فى مدلوله اللغوى هو أن تعقل الدابة فلا تنفلت، والعقل يضبط حركة الإنسان فى الحياة فلا ينفلت فيؤذى غيره ويؤذى نفسه، وسمى أصحاب العقول فى القرآن الكريم بأولى النهى فى قوله تعالى: «إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِى النُّهَى»؛ فالعقل ينهى الإنسان عن كل شىء يضر به نفسه أو غيره، والعقل هو ما يميز ابن آدم عن باقى المخلوقات، ووجود العقل لدى الإنسان هو ما بوأه تلك المكانة التى أوصلته إلى أن تسجد له الملائكة.
والإنسان هو قبضة من تراب الأرض ونفخة من روح الله، والفرق بين إنسان وإنسان أنه كلما حافظ على هذه النفخة القدسية، وكلما خاف التراب المعتم، ارتقى بنفسه، فعاطفته القلبية الجياشة منضبطة بالعقل مع شرع الله، فارتقى.. والعاطفة إذا لم تنضبط وفق الشرع نجد أن الهوى يصير إلهاً لصاحبه مما يؤدى إلى هلاكه، وتكون عاطفة الإنسان أقوى من عقله إذا كان هذا الإنسان هواه ليس وفقاً لما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم، ولكن عقله هو الذى يضبط الهوى وفق المنهج.. ولاختلاف العقول من شخص لآخر ودخول الناس فى غمار السياسة دخلوا فى خلاف حول هل يوجد دين فى السياسة أو سياسة فى الدين؟
ومن المعلوم أن الدين كله سياسة، أما السياسة فلا دين لها، بدليل أننا كعرب فشلنا فى السياسة؛ فلقد ضاعت فلسطين، وتفتت العراق، وجاء الحاكم المستبد لسوريا؛ فنحن نريد أن نراجع حساباتنا وفق عقل منضبط وعاطفة جياشة وفق دين واضح.. ونجد أن العقل يدخل فى العبادة، فالتعقل فى العبادة يكمن فى وجود العبادة فى حالة الوسطية فلا إفراط ولا تفريط؛ فالعبادة لا تعطل أمرا من أمور الحياة، لأن الحياة فى الأساس جزء من العبادة.