■ الحكم والمعارضة يتحملان ما وصلنا إليه من طريق مسدود.. فقد فشل الحكم فى تكرار تجربة مانديلا الذى أشرك السود والبيض والهنود والملونين فى الحكم.. ولم يسعَ لإقصاء أحد، حتى الذين أساءوا إليه من قبل، وأجرى مصالحة وطنية شاملة بين الجميع رغم صعوبة موقفه عنا.. فلديه أربعة أجناس وعشرات الأديان والملل.. ونحن عرق واحد ودينان.. وجميع الأطياف شاركت فى الثورة ولم يستأثر بها فريق واحد.
■ أما خطأ المعارضة القاتل فهو حرق الأرض تحت د.مرسى، حتى لو احترقت مصر.. وترسيخ سنة باطلة بمحاولة إلغاء حكم رئيس منتخب انتخاباً حراً ونزيهاً قبل انتهاء مدته.. وهذا لن يجعل لنا رئيساً يكمل مدته على الإطلاق.. وسيمزق الوطن أكثر ما هو ممزق.. وقد يحدث فتناً الله أعلم بها.
■ لقد تصالحنا مع إسرائيل، فهل عجزنا أن عن نقيم بين أبناء الوطن شراكة حقيقية فى الحكم والحياة؟!
■ أسوأ خطاب هو خطاب هذه الأيام من كل الأطراف.. لأنها جميعاً تدعو إلى المواجهة والنزال وتأجيج الصراع.. ونادراً ما تجد كلمة تهدئ الأجواء أو تصلح ذات البين أو تدعو هذا أو ذاك إلى تدبر ما يصنعه الخطاب الاحترابى بالوطن.
■ إذا استمعت إلى القنوات المؤيدة للحكم أو المعارضة تشعر بأنك أمام إعلان حرب أو ساعة الصفر.. فقد نسى الجميع أنهم مصريون فى النهاية.. وأننا لا نبذل مثل هذا الجهد فى مواجهة إسرائيل.. فهنيئاً لك يا إسرائيل بما وصلت إليه مصر وسوريا وليبيا وتونس من الصراع السياسى الذى وصل إلى حالة الاحتراب.
■ لقد قدمنا جميعاً أوطاننا غنيمة باردة لإسرائيل، والمصيبة أن كل الفرقاء فى هذه البلاد يبحثون عن دعم واشنطن لها.. ويسعد كل طرف مع أتباعه موهمين أنفسهم بأن واشنطن تدعمهم فى صراعهم الوطنى الطاهر مع خصومهم من أبناء وطنهم.
■ تغير الاستعمار بأشكاله وألوانه من استعمار عسكرى إلى سياسى إلى اقتصادى إلى استعمار نتيجة الغباء السياسى للفرقاء السياسيين فى أوطان العرب.. وأمجاد يا عرب أمجاد.. وكل صراع سياسى وإسرائيل بخير.
■ الحكم الرشيد يولد عادة معارضة رشيدة.. والمعارضة الحكيمة عادة ما تولد حكماً رشيداً.. وكان معاوية بن أبى سفيان يقول: «لو كان بينى وبين الناس شعرة ما قطعتها.. إن شدوها أرخيتها.. وإن أرخوها شددتها».. وهذا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أجبر الجميع بحلمه وصبره ورحمته أن يلفظوا جميعاً عبد الله بن أبى سلول ويقفوا جميعاً ضده.. فقد أبدى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اهتمامه بالرأى العام العالمى المكون من خصومه من قريش وقبائل المشركين وقتها.. رافضاً قتل ابن سلول قائلاً: «حتى لا يقال إن محمداً يقتل أصحابه».. وقائلاً: «لو قتلته لرعدت له أنفٌ كثيرة» أى غضباً وحنقاً لمقتله.
■ تصارع قادة التيار الإسلامى والمدنى صراعاً مدمراً سهّل على الحمقى والعوام أن يهينوا الفريقين ويتطاولوا عليهما.. حتى أهينت كل الرموز الوطنية والإسلامية فى مصر.. فقد نسى هؤلاء جميعاً أن الخوارج ظهروا حينما تنازع الصحابة وتقاتلوا وكفروا علياً ومعاوية معاً.. وأرادوا قتلهما سوياً.. الصراع يجرّئ الجميع على الفضلاء دائماً.. فاعتبروا يا أولى الألباب.