كان الكل ينتظر ماذا سيحدث.. الجميع يرقب هذا المشهد الذى انتظروه كثيرًا، يا تُرى ماذا سيجرى؟ وإلى أى شىء سينتهى؟
استدعى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، أبا هريرة، راوى الأحاديث الأشهر، عندما كان أبو هريرة واليًا على البحرين وفى مشهد مهيب حضره عدد قليل من الصحابة جرى الحوار التالى فى بيت الخليفة عمر، أمير المؤمنين:
- عمر «غاضبًا»: علمتَ أننى استعملتُك (عيَّنتُك) على البحرين وأنت بلا نعلين، ثم بلغنى أنك ابتعتَ أفراسًا بألف وستمئة دينار.
- أبو هريرة «فى هدوء وضعف»: كانت لنا أفراس (خيول) تناتجت (أنجبت وتكاثرت) وعطايا (مِنَح) تلاحقت.
- عمر «فى عُنف»: حسبتُ لك رزقك ومؤْنَتَك (حددت لك مرتبًا كفاية عليك) وهذا فضل فأدِّه (وما كسَبْتَه وربِحْتَه زيادة لا بد أن ترجعها).
- أبو هريرة «وهو يقاوم»: ليس لك ذلك يا أمير المؤمنين.
- عمر «فى حسم واضح»: بلى (لى طبعا) والله أُوجِع ظهرَك.
ثم قام سيدنا عمر وقد بَانَ غضبُه وزاد عنفُه وأمسك بالدرَّة «وهى أداة تشبه العصا أو الكرباج مثلا»، واقترب من أبى هريرة ثم صعقه بها، ثم ضربه بعنف على ظهره حتى سال الدمُ من أبى هريرة أمام الناس المذهولة والملتاعة والمأخوذة بالفاروق عمر وقوته فى الحق.
- عمر «فى قوة وحسم» ائْتِ بها.
- أبو هريرة «فى ضعف ومَذَلَّة»: احْتسِبْها عند الله.
- عمر: نعم.. ذلك لو أخذتَها من حلال وأديْتَها طائعًا (كنت أحتسبُها أنا عند الله) لكن يَجْبِى الناس لك، لا لله، ولا للمسلمين، (إنهم يمنحونك المال، لأنك الوالى ويسعون إليك وإلى التقرب منك).. انهض فائْتِ بها.
- وما كان من أبى هريرة إلا أن ردَّ لبيت المال أمواله وثروته من الدراهم كلها عند صلاة الصبح، واستغفر لأمير المؤمنين (أى طلب المغفرة من سيدنا عمر بن الخطاب).
ويقال كذلك فى أسانيد التاريخ: «ولما عزل عمر أبا موسى الأشعرى من البصرة شاطَرَه ماله (اقتسم معه الأموال التى كسَبَها أبو موسى فى أثناء ولايته) وعزل أبا هريرة عن البحرين وشاطره ماله، وعزل الحارث بن كعب بن وهب وشاطره ماله، وعزل سعد بن أبى وقاص عن العراق وشاطره ماله».
ألف رحمة ونور عليك يا سيدنا عمر، لذلك كنت عادلا وفاروقا وعظيما وخالدا!