بينما يسود الغضب فى محافظات مصر بعد حركة المحافظين الجدد، وبينما يتصاعد الاحتجاج على المضى فى سياسة «أخونة الدولة» والسيطرة على مؤسساتها، كانت أنظار العالم تتركز على «الأقصر» الجميلة، حيث شاءت «عبقرية» الحكم أن تعين لها محافظًا من حزب البناء والتنمية التابع للجماعة الإسلامية، لتعيد إلى الأذهان المذابح التى قامت بها الجماعة ومنها مذبحة السياح فى «الدير البحرى» عام 1997 فى الأقصر ذاتها!
وبينما العالم يبدى دهشته من القرار العبقرى الذى يضع المدينة التى تضم ثلث آثار العالم تحت إدارة من قاموا بذبح السياح وأعلنوا الحرب على الآثار! كان المحافظ الجديد يعلن أنه سوف يهتم بتنشيط السياحة! التى يعلن كل الخبراء أنها قد انتهت تمامًا، ولأجل غير مسمى، بعد القرار العبقرى لرئىس جمهورية الصالة المغطاة بمكافأة الفصيل الإرهابى الذى لم يعد يسانده سواه، بتعيين أحد المنتمين لحزبه أمينًا على ثلث آثار العالم ومعظم ثروة مصر الحضارية فى الأقصر الجميلة!
لم يقل المحافظ الجديد كيف سيقوم بتنشيط السياحة! ولكن يقال إن الترويج السياحى سيبدأ على الفور بفيلم دعائى تظهر فيه آثار الأقصر، ثم يظهر المحافظ وهو يقدم رسالته للعالم: تعالوا أيها الكفار لزيارة الأقصر (!!) تعالوا لتشاهدوا أجمل المعابد وأروع الأصنام (!!) مع عروض حية للمذابح التى نملك فيها خبرة واسعة.. ومع مشاهد لعملية «الدير البحرى» يختتم الإعلان بأغنية «الأقصر بلدنا» الشهيرة مع تعديلات تناسب الموقف الجديد.
الأقصر بيحكمها الإرهاب
فيها المحافظ يتفسح
وكل ما يلاقيها خراب
بينبسط بيها ويفرح
لخراب بلدنا!
حركة المحافظين لا تعنى فقط خراب الأقصر، ولكنها تؤكد أننا أمام حكم يسعى لخراب مصر كلها، ويتصور أن هذا هو طريقه للاحتفاظ بالسلطة! نحن أمام حكم حسم أمره، وقرر أن يعادى الشعب كله، وأن يقيم دولة للأهل والعشيرة والأنصار، نحن أمام رئيس قرر أن يكون رئىسًا لجمهورية الصالة المغطاة وحدها، يختار منهم المماليك الصغار والكبار، يجعلهم وزراء ومحافظين ومسؤولين فى كل المؤسسات، يتصور أنهم سوف يحمون نظامًا حكم الشعب عليه بالسقوط، يحاول استباق 30 يونيو، لكنه لا يفعل إلا أن يسير فى نفس الطريق الخطأ، إلى النهاية المحتومة!
حركة المحافظين مع مشهد الصالة المغطاة لا تقول إلا شيئًا واحدًا: نحن أمام حكم فاشل ومفلس، كلما رأى اقتراب النهاية أمعن فى الخطأ، وأصر على تجاهل كل دروس التاريخ التى تقول له إن الإرهاب الذى مارسه هو وحلفاؤه لسنوات طويلة، كانت نتيجته وبالا عليهم، وأن التلاعب بالدين لم يعد يخدع أحدا، وأن الاستحواذ على السلطة لم يمنع الشعب أبدًا من أن يفرض إرادته.
كل خطوة يقدم عليها النظام تؤكد أن بقاءه أصبح مستحيلا، وأن علينا أن نتوقع منه أى شىء وهو يقترب من نهايته ويرى فشل كل محاولاته اليائسة لإنقاذ نفسه، إننا أمام نظام يفقد صوابه وهو يرى أن التهديد بجنرالات الإرهاب لم يخف حتى الأطفال! واستخدام فقهاء الفتنة فضحهم أمام شعب يعرف دينه جيدًا، وجيش الوطن يعلن أنه فى صف الشعب وحده، ورجال الشرطة يرفضون الحكم المستبد، والمحافظون الجدد عاجزون عن ممارسة عملهم، وتقديم التنازلات للأمريكان وإسرائىل لا يمكن أن ينقذ نظامًا يعادى شعبه.
مهما فعل هذا النظام فهى ارتعاشات ما قبل الموت أو قبل السقوط!
الشعب أصدر حكمه، بعد أيام نسأل: كيف تحملت مصر هذا الكابوس لعام كامل؟!