لا تتصور أننى أتناول قصة الفيلم السينمائى بالنقد الفنى.. لست ناقداً فنياً على أى حال.. أيضاً لا أشارك بالكتابة عنه فى حملة لتوزيع الفيلم.. الفيلم أحدث ضجيجاً منذ اللحظة الأولى.. أغضب هيئة التمريض فى البلاد.. لا أعرف لماذا هذه الحساسية؟.. فى كل مهنة شرفاء ولصوص.. العنوان مثير.. طول ما فيه عبيط فيه حرامى.. هناك شبه بين الثورة والفيلم الذى تسبب فى ثورة التمريض!
مصادفة ربما تحدث نادراً.. التمريض تصدى للفيلم.. المحكمة حددت «يوليو» لنظر دعوى وقف الفيلم.. الثوار أيضاً حددوا 30 يونيو وأوائل يوليو، لوضع نهاية لنظام سرق الثورة.. هناك حرامى مادام هناك عبيط.. أصحاب الفيلم فى ورطة.. ربما تكون هذه الضجة مفيدة فى التوزيع.. فى كل الأحوال هناك من ينتفض لدفع الاتهام عنه.. بالضبط كما يفعل الثوار الآن.. شعارهم: لا للحرامى!
«الحرامى والعبيط» يحمل دلالات كثيرة.. العبيط هو كل واحد يسمح للحرامى بأن يسرقه.. فى الفيلم هناك من يسرق أعضاء المرضى.. يبيع الأعضاء لمن يشترى.. فى الواقع هناك من يبيع الوطن.. يرهن ممتلكاته لكل من يدفع.. سمعنا من قبل عن رهن قناة السويس.. سمعنا عن رهن الهرم وأبوالهول مقابل 200 مليار جنيه.. العبيط انتفض وأعلن المقاومة.. تراجع الحرامى لبعض الوقت!
الدعوى رقم 58 لسنة 2013 تعترض على شخصية روبى.. روبى تقوم بأعمال منافية للآداب فى العمل، وتبيع أعضاء المرضى.. انتفضت مهنة التمريض.. النقابة رأت أن العمل يشوّه سمعة المهنة.. يُظهر الممرضات بمظهر غير لائق.. يُشوّه سمعة مهنة التمريض.. هذه هى الخلاصة.. المحكمة قررت نظر الدعوى اعتباراً من يوليو.. الثوار قرروا دفع تهمة «العبط» عنهم فى التوقيت نفسه!
لا أقصد أنها «ثورة العبط»، لا سمح الله، وإن كانت الحكاية لا تخلو من عبط.. حين أسقطنا مبارك عدنا إلى منازلنا.. رحنا نبكى فرحاً.. العودة دون ترتيب البيت شىء من العبط.. عبط أكبر أننا تركنا من يسرقنا.. تركنا من يبيعنا قطعاً بشرية.. لم نتحرك بمجرد عرض الفيلم، كما تحركت نقابة التمريض.. تركنا النظام يفعل ما يشاء.. قطع علاقاتنا بالشرق والغرب.. ثم نتحدث عن الشرعية!
لا شرعية لحرامى، ولا بقاء لعبيط.. الحرامى يستريح فى ظل عبيط.. نحن الذين مكنّا الإخوان من الأخونة.. صحيح كانت لديهم خطة لـ«فتح مصر»، كما يقول الكاتب المقاتل حمدى رزق.. صحيح كانت لديهم خطة تمكين، لكن هذه الخطط لا تفلح إلا فى وجود ناس عُبط.. أيضاً الحرامى لا ينجح إلا فى وجود عبيط، أو مغفل.. هذه هى الحكاية، وهذا هو وجه الشبه.. الحل أن ندافع عن سمعة الثورة!
ربما يكون الشبه قائماً بين الفيلم والواقع، لكن يبقى القياس مختلفاً إلى حد كبير.. أهل المنطق يقولون: قياس مع الفارق.. لفت نظرى فيه كلمة العبيط.. لا تؤاخذونى حين أردد كلمة العبيط.. بدون زعل كنا فى حالة عبط.. كنا نمارس الثورة بسذاجة.. كان عندنا حسن نية.. رأينا الوطن يضيع.. يتسرب من بين أيدينا.. أصبحنا أمام ثورة جديدة لمواجهة حرامى هذه المرة.. ليس فى مواجهة نظام!
طول ما فيه عبيط فيه حرامى.. العبيط أهبل ومغفل.. القانون لا يحمى المغفلين.. الفيلم أثار شجوناً كثيرة.. حرك فى داخلى أشياء، غير التى ثار بسببها الممرضون.. ثورة الممرضين لوقف الفيلم لها شقان.. أحدهما فى الميدان، والآخر فى المحاكم.. هل نحذو حذوهم لمواجهة حرامى الثورة؟!