لم تكن مصر يوماً أحوج ما تكون إلى الثورة قدر احتياجها لها اليوم، ولم تكن مصر قلقة بشأن مستقبلها وخوفها من مصائر مجهولة قدر اليوم، والطرف الوحيد القادر على إنقاذ مصر الآن وطمأنتها وإعادة الأمل فى المستقبل هو الثورة وشعارها الجلى الواضح (عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية).
وكى تكون الثورة قادرة على أن تكمل مسيرتها التى تعثرت كثيراً منذ 11 فبراير 2011 وحتى اليوم، لا بد أن يكون يوم 30 يونيو المقبل يوماً لمصر والمصريين، بلا تصنيف ولا فرز إلا على أساس وجوده فى الشارع والتزامه بمطالب الثورة وسعيه الجاد لإنقاذ مصر من سلطة الإخوان.. لن يكون 30 يونيو يوماً لتنصيب قائد أو زعيم، ولا يوماً للفرز على أساس الانتماء السياسى والأيديولوجى، ولا لتقييم أداءات سابقة وتحميل بعضنا البعض مسؤولية ما وصلت إليه الثورة والوطن حتى وإن كان هذا صحيحاً، هذا يوم لتوحد المصريين فى مشهد واحد وموقف واحد ومطلب واحد، توحد المصريين ضد سلطة انقضت على الثورة واستبدت بالوطن وقسمت المجتمع وأسالت الدماء وأهانت مصر وقيمتها ومكانتها.
ليس هذا يوماً لمن يريد تبرئة مبارك ويرى أن الثورة ضده كانت خطأ وأنها هى من أوصلتنا لما نحن فيه، وليس يوماً لمن يريد استعادة الجيش لحكم البلاد على رأس السلطة باعتباره الطرف الوحيد القادر على إزاحة الإخوان من وجهة نظرهم، وليس يوماً للخلاف بين من بدأوا الثورة ومن التحقوا بها أو حتى من ينضمون لها فقط فى هذا اليوم، طالما كان الهدف واحداً ومشتركاً.
ليس 30 يونيو يوماً للعنف أو الاقتتال أو الثأر أو الكراهية، بل هو يوم لتأكيد تحضر ورقى وسلمية المصريين، وتقديم نموذج جديد مبهر يذكر بمشهد المصريين فى ثورة 25 يناير ويستعيد روحها بل ويضيف لها المزيد من الإبداع.. لكنه يوم أيضا تستفيد فيه الثورة من أخطائها التى وقعت فيها على مدار العامين السابقين، وتقدم فيه رؤى محددة وقيادة موحدة لها ولصفوفها.
ليس 30 يونيو يوماً للإقصاء أو الاجتثاث، بل يوم لاستعادة الشراكة الوطنية، وفرض خريطة الثورة الصحيحة فى إجراء مصالحة وطنية ومجتمعية تقوم على أساس المحاسبة العادلة لمن أجرم وقتل وعذب وأفسد، والتصالح مع كل من لم يتورط فى ذلك، وهو يوم لتسييد وإعمال قيم الثورة الحقيقية لا تحولها إلى رد فعل على أفعال كريهة ومرفوضة تخطئ الثورة إن تعاملت معها بالمثل.
30 يونيو يوم لاستعادة الأمل والروح والتوحد، يوم ليسترد فيه المصريون حقوقهم وسلطتهم، يوم ليواجه فيه المصريون بشجاعة محاولات التخويف والترهيب، يوم ينتصر فيه المصريون لصحيح دينهم وقيمه السامية ضد من يحاولون تشويهه بالحديث باسمه، يوم للجهاد بقول كلمة حق فى وجه سلطان جائر والإصرار على إلزامه بها وتنفيذه لها لا للجهاد المسلح الذى فتح حكامنا أبوابه فى سوريا لمصلحة سيناريوهات تقسيم شعبها وتفكيك دولتها، ويستعدون لفتح بابه فى مصر ضد المعارضين الكفار بينما لم نسمع منهم كلمة عن الجهاد ضد العدو الحقيقى للأمة الذى يحتل أرضنا فى فلسطين.
30 يونيو يوم لتستعيد الثورة بوصلتها الصحيحة، وتعيد رسم خريطة توازنات القوى على الأرض، يوم لينتصر الشعب لنفسه ولثورته، لا أن ينتظر مخلّصاً أو منقذاً.
30 يونيو قد يكون مجرد يوم فى التاريخ، لكنه عنوان لمرحلة، وبقدر نجاحنا فى التوافق والالتزام بكل المعانى السابقة فى جوهرها بغض النظر عن تفاصيلها، يكون هذا العنوان لمرحلة تضمن النصر القريب وتستعيد الأمل فى المستقبل.