فى الوقت الذى ينشط فيه شباب مصر فى جمع التوقيعات على ورقة «حركة تمرد» التى تسحب الثقة من الرئيس مرسى وتدعو إلى انتخابات رئاسية مبكرة، تواصل جماعات الإسلام السياسى والجماعات الجهادية إطلاق التهديدات، تقول إنها سوف تدافع عن بقاء الرئيس بالسلاح، تخبرنا أنها الأقدر على استخدام السلاح، وعادت وجوه من زمن الدم لتطل علينا من جديد مطلقة التهديدات بحق المصريين، وهناك من هدد باستقدام عناصر مسلحة من خارج البلاد لتواجه كل من يفكر فى الخروج فى الثلاثين من يونيو الجارى. ينشط شباب مصر فى العمل وفق رؤية تتوافق مع القانون والدستور، رؤية سبق ولجأت إليها شعوب أدركت أنها أساءت الاختيار ومن ثم قررت تبكير موعد الانتخابات، قررت العودة للشعب مبكرا حتى يقول كلمته فى صراع بدا أنه يدور فى حلقة مفرغة، وعندما تتمعن فى وجوه وأعمار شابات وشباب مصر الذين يوجدون فى المحافظات المختلفة، ويطلبون من المصريين التوقيع على ورقة الحركة، تدرك على الفور معنى الجملة الخالدة التى تصفهم بالورد «الذى فتح فى جناين مصر» فهم بالفعل ورود فى عمر الزهور، تفتح وعيهم على مقدمات ثورة يناير ٢٠١١، البعض منهم شارك فى فاعليات الثورة قبل اختطافها، آلمه سرقة الثورة فآثر الانزواء بعيدا، والبعض الآخر واصل النضال عبر المشاركة فى فاعليات الغضب والاحتجاج على حكم المرشد. أبدعوا فكرة تمرد فالتف غالبية الشعب المصرى حولهم وأعادوا الحياة لتدب من جديد فى الأحزاب السياسية المدنية وفى جبهة الإنقاذ. انطلق شباب مصر يجمع التوقيعات لحركة تمرد، يقول للمصريين لا بد من تصحيح الخطأ، مصر أكبر من جماعة ومن فصيل مهما كانت شعاراته، مصر لكل المصريين. تجاهل تيار الإسلام السياسى الحركة وشكك فى جدواها، ومع اندفاع المصريين للتوقيع على أوراق الحركة بدأت الجماعة تشعر بقدر من القلق فكان رد الفعل الإعلان عن تأسيس حركة مقابلة على غرار جبهة الضمير فى مواجهة جبهة الإنقاذ، فأعلنوا عن حركة «تجرد» فى مواجهة «تمرد». وبعد أن عجزوا عن مجاراة «تمرد» فى جمع التوقيعات والحشد، بدأ تيار الإسلام السياسى فى التحرك على الأرض لإجهاض مسيرة حركة «تمرد»، بدؤوا فى ملاحقة شباب حركة تمرد، بالاعتداء عليهم، وأيضا محاولة تعطيل جهود جمع التوقيعات بعد أن تحولت إلى حالة مجتمعية. وبدا واضحا أنه كلما تعرض شباب الحركة لمزيد من الاعتداءات على يد جماعات الإسلام السياسى، زاد التعاطف المجتمعى معهم. نجحت الحملة فى أن تكون قاطرة الحشد باتجاه إعادة تصحيح مسار الثورة المصرية بعد أن تم السطو عليها وتغيير وجهتها إلى وجهة معاكسة لوجهة الثورة، هنا قرر تيار الإسلام السياسى مواجهة شباب مصر مباشرة، الرد على فكرة ديمقراطية بالتلويح بالنار والدم، صدروا قيادات الجماعة الإسلامية وعناصر سبق لهم حمل السلاح وممارسة العنف فى الداخل والخارج، قالوا إن الخروج على مرسى غير مشروع، وأنهم سوف يواجهون كل من سيخرج فى الثلاثين من يونيو بالسلاح، قالوا إنهم الأقدر على ممارسة العنف ولديهم الخبرة الكافية فى حمل واستخدام السلاح. وأعلن عدد من المتحدثين باسم الجماعة ورفاقها من تيار الإسلام السياسى والجهادى تحديدا أنهم سوف ينظمون مجموعة من التظاهرات والفاعليات دعما للرئيس مرسى، إضافة إلى حديث مكثف عن الخروج لاحتلال الميادين والاستعداد المبكر لمواجهة كل من سوف يخرج معارضا للدكتور مرسى. وحتى تصل الرسالة إلى بسطاء المصريين حشد مرسى هذه العناصر فى استاد القاهرة، واستغل مناسبة خصصوها للشأن السورى، كى يوصل فزعا ورعبا إلى بسطاء المصريين، أتى بشيوخ يسبون ويلعنون معارضى مرسى، يقومون بالدعاء عليهم، يطلبون من الله أن يصب لعنته عليهم، وشارك مرسى فى حملة الترهيب. سعى مرسى والجماعة والرفاق من التيار إلى تصدير الخوف والفزع للمصريين، أتوا بقادة من حركة حماس وتحديدا من الجناح العسكرى ضمن وفد ضخم من الحركة للتخطيط لمواجهة خروج المعارضين فى الثلاثين من يونيو الجارى، فعلوا ذلك فى وقت يواصل فيه قاضى التحقيق بالإسماعيلية تحقيقاته فى عملية هروب مرسى وقادة الجماعة من سجن وادى النطرون وأمامه دلائل وشهادات على تدخل عناصر مسلحة من حركة حماس فى الهجوم على السجن وتهريب مرسى ورفاقه.
باختصار شعرت الجماعة بالخوف والفزع مما سيجرى فى الثلاثين من يونيو الجارى، فأرادت أن تصدر ما تشعر به من خوف وفزع إلى المصريين حتى لا يخرجوا، وتقديرى أن زمن تخويف وترهيب المصريين قد ولى، والمصريون حسموا أمرهم بطلب إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهو أمر متاح حتى الخامس والعشرين من يونيو الجارى بشرط أن يخرج مرسى ويعلن استقالته ويسلم الرئاسة لرئيس المحكمة الدستورية العليا الذى يحدد بدوره موعد الانتخابات الرئاسية الجديدة، وما لم يحدث ذلك فسوف يخرج المصريون بالملايين ويفرضون التغيير على الأرض وعندها سيكون التغيير أوسع وأشمل وأعمق.