لم تعُد هناك فائدة من استحضار هؤلاء المتأسلمين الذين يتخذون من الدين ستارا لأطماعهم فى السلطة، ووسيلة يوظفونها لتحقيق مصالح سياسية، ومن ثم فهم نفعيون انتهازيون لا هدف لهم إلا تحقيق طموحاتهم الذاتية.. لا طموحات الشعب ولا الوطن، وذلك فى وسائل الإعلام المختلفة: صحافة.. إذاعة.. تليفزيون.. وفضائياتها المختلفة. فهم يلوثون العقل المصرى، ولم يعُد خطابهم خطابًا دعويًّا يدعون به الشعب إلى الصلاح والتقوى وتطبيق تعاليم الإسلام الحنيف، بل يحضُّون على الكراهية والعنف والدماء ويعتدون على الآمنين، ولا يحترمون الآخر ولا يقدرون حقوقه ولا يحفظون العِرض والشرف وينتهكون الحريات ويُسقِطُون القوانين والدستور، حتى دستورهم المتأسلم ينتهكونه ولا يفهمون ما صاغوه بأيديهم الملوثة بدماء الثوار فى كل مكان، فى القاهرة والإسكندرية وبورسعيد وبقية مدن القناة وغيرها، ويحمون الخاطفين لجنودنا البواسل ويكرِّمون القتلى والإرهابيين والمجرمين، ويُعِدُّون الميلشيات لتوظيفها فى حمايتهم زاعمين أنهم يحمون الشرعية، وهى شرعية زائفة لا أصل لها، والصندوق كان زائفا وتجسيدًا للخطيئة السياسية والإصرار على خطف الثورة وإسباغ صفة الإسلامية عليها، كأنهم هم من قام بالثورة.. ووحدهم!
هؤلاء الذين يتبنون خطاب العنف.. وعقدوا الصفقات للوصول إلى السلطة.. وتنازلوا عن كل القيم والوعود والأفكار من أجل الوصول إلى السلطة عبر الدعم الأمريكى ورموز مبارك فى المجلس العسكرى.. ويعادون الشعب كله.. ويديرون المجتمع والدولة بالأزمات وتفجير المشكلات أزمة تلو الأخرى، لأنهم فاشلون ومعدومو الموهبة.. مسلوبو الإرادة.. خاضعون للسمع والطاعة دون عقل أو تفكير، وهؤلاء لا يستحقون أن يخاطبوا الشعب أو يطرحوا أفكارهم، فقد انتهى زمن الحوارات الشكلية التى يتسربون من خلالها لتمرير خطاب العنف والدماء، لأن مكان هؤلاء الطبيعى إما السجون وإما جبال وكهوف «تورا بورا»، لذلك فإننى أخاطب وسائل الإعلام بعدم دعوة أى متأسلم، وإدخاله فى نقاش كأنه الطرف الرئيسى فى المعادلة، وهذه دعوة لإزاحة هؤلاء لكى يأخذوا حجمهم الطبيعى، فليس معقولا أن يكونوا القاسم المشترك فى كل البرامج الحوارية بحجة «الموضوعية أو المهنية»، فالمهنية الآن فى احترام الشعب وحقه فى التعبير والتمرد لا بالمشاركة فى تزييف وعيه والضحك عليه بأن هؤلاء ممثلو «التيار الإسلامى» وما هم بإسلاميين، بل إرهابيون للنخاع. انظروا وحللوا خطابهم فى وسائل الإعلام، وطريقة عرضهم لآرائهم، وأسلوبهم فى الهجوم العنيف على الآخرين فى الاستوديو أو عبر المداخلات لتجد الاستعلاء وقلة الأدب وانعدام القيم الدينية، وفاقد الشىء لا يعطيه!
أيها السادة العاملون فى وسائل الإعلام، اخلعوا المهنية الشكلية، فقد انتهت اللعبة، وباقٍ من الزمن أيام قليلة على خلع هؤلاء ابتداءً من الرئيس وجماعته، ومن يتركنا وحدنا ويمسك العصا من المنتصف ويمارس لعبة الانتهازية فمكانه سيكون معهم بإذن الله، أما الملتزمون فبمقاومتهم وإزاحة هؤلاء من المسرح، وإتاحة الفرصة لظهور الرموز المحترمة فى الموجة الثورية الجديدة لثورة 25 يناير 2011، فى 30 يونيو 2013.
تصوروا أن هناك برنامجًا عن المحترمين يستضيف متأسلمين على أنهم كذلك، فى ذات الوقت يهاجمهم! الآن يكون الخيار إما أبيض وإما أسود، فلم تعُد هناك فرصة للرمادية، وكثيرا ما هاجمتُ جبهة الإنقاذ التى أؤيدها، لأنها تتخذ مواقف رمادية، والشعب يسبقها!
أخيرا أخاطب الشرفاء فى الإعلام والمحترمين فعلا وهم كثيرون، أن يبدؤوا رسالة جديدة ابتداءً من الآن حتى انتصار الثورة الجديدة، بمقاطعة هؤلاء وحرمانهم من المشهد لسوء سلوكهم السياسى.. ومن سيكون مدنيًّا فسيكون له مكان فى المستقبل، ومن يتلاعب بالدين لتحقيق الأطماع السياسية فلا مكان له فى مجتمع مصر الجديد بعد 30/6 بإذن الله. إننى أعوّل كثيرا على الرسالة الإعلامية فى هذه المرحلة والعاملين الشرفاء فيها، وعليهم إفساح المسرح لقوى الشباب الجديدة صانعة المستقبل امتدادًا لـ«تمرد». بارك الله فيكم وفيهم.. الثورة مستمرة حتى النصر بإذن الله، ولا يزال الحوار متصلًا.