طلب الدكتور خالد منتصر فى عموده اليومى بجريدة «الوطن»، من الزميل العزيز والصديق القديم صلاح عيسى، أن يقدم استقالته من رئاسة تحرير جريدة «القاهرة»، احتجاجاً على قرارات وزير الثقافة الجديد علاء عبدالعزيز، وتضامناً مع الفنانين والأدباء والمثقفين الذين يطالبون بإقالته، والذين أعلن بعضهم الاعتصام فى مكتب الوزير حتى تتم هذه الإقالة.
جريدة «القاهرة» تصدر عن وزارة الثقافة، وموقف صلاح عيسى واضح تماماً ضد حكم الإخوان، والجريدة تدافع بقوة عن الثقافة المصرية الوطنية منذ عددها الأول وحتى الآن، والنتيجة الوحيدة لاستقالة صلاح عيسى أن يحل محله من يحولها إلى جريدة «إخوانية»، كما حدث مع «أخبار الأدب»، فلماذا يستقيل صلاح عيسى ولماذا يستقيل أى مسؤول من قيادات مؤسسات وزارة الثقافة؟
إن على كل قيادة تدافع عن الثقافة المصرية الوطنية أن تبقى لمواصلة هذا الدفاع، وكم كان كمال عبدالعزيز، رئيس المركز القومى للسينما رائعاً عندما أصر على إقامة مهرجان الإسماعيلية الذى تنظمه الوزارة من خلال المركز، وكم كان أعضاء فرقة بالية أوبرا القاهرة رائعين عندما واجهوا المطالبة بمنع البالية فى مصر بالرقص فى الشارع أمام مكتب وزير الثقافة، الذى التزم الصمت تجاه تلك المطالبة، وكم كان سمير سيف على خطأ عندما وافق على عدم إقامة المهرجان الوطنى للسينما المصرية، الذى كان من المقرر افتتاحه يوم الأربعاء القبل. إنهم يريدون إطفاء أنوار الثقافة المصرية الوطنية، وعلى المدافعين عنها عدم تسهيل مهمتهم.
ليس من واجب صلاح عيسى الاستقالة، وإنما من واجب وزير الثقافة أن يقدم استقالته إزاء اعتراض أغلب الفنانين والأدباء والمثقفين على توجهاته. الاستقالة هنا تصبح من الواجبات الوطنية والأخلاقية، لكن ثقافة الاستقالة تغيب دائماً فى نظم الحكم غير الديمقراطى.
بل إن الواجب الوطنى والأخلاقى أن تستقيل حكومة هشام قنديل بأكملها بعد أن فشلت فى معالجة كل الأزمات التى يعانى منها كل الشعب، من أزمات الحياة اليومية إلى حصة مصر من مياه النيل، ومن غياب القانون عن الشارع إلى تأمين الحدود مع فلسطين والسودان وليبيا، ولكن لا أحد يستقيل مهما كان فشله، وحتى لو دفعت مصر كلها الثمن.