فنان الكاريكاتير عمرو سليم يمضى بخطى ثابتة فى أثر العظيم صلاح جاهين، من حيث قدرته الفائقة على التواصل مع نبض الشارع بعمق ورشاقة، ومن حيث تميز رسومه التى حددت شخصيته الفنية فأصبحنا نستطيع أن نتبينها دون النظر لتوقيعه عليها.
وقد نشر عمرو سليم أخيراً عدداً من رسوم الكاريكاتير حول أزمة وزارة الثقافة، التى لم تعد حكراً على المثقفين وحدهم وإنما تحولت بسرعة - شأن كل قضية ثقافية - إلى قضية رأى عام، حيث يشعر الناس أن هناك محاولة واضحة من جانب حكم الإخوان للسيطرة على المؤسسات الثقافية وإخضاع الثقافة لتعاليم الإخوان باتباع أسلوب السمع والطاعة.
وقد كان رسم عمرو سليم منذ أيام يمثل رجلاً ملتحياً فى يده شومة ويتحدث إلى رئيسه بالتليفون، شاكياً من زملائه: «الواد رافض ييجى معايا يضرب المعتصمين إلا لما يعرف الأول يعنى إيه ثقافة!.. هو يعنى إيه ثقافة يا مولانا؟!».
وفى هذا الرسم إشارة واضحة إلى الجهات التى دفعت بالملتحين إلى ضرب المثقفين المعتصمين سلمياً بوزارة الثقافة فى قضية لا يفقه فيها هؤلاء المستأجرون شيئاً.
كما أن به إشارة غير مباشرة للمقولة الشهيرة القائلة «كلما سمعت كلمة الثقافة تحسست مسدسى»، التى أعاد التذكير بها الدكتور جلال أمين فى مقال أخير له، التى لاحظت على كثرة ترديدها أن أحداً لم ينسبها إلى قائلها، الذى كثيراً ما يقال إنه جوبلز، مسؤول الإعلام الدعائى لهتلر، لكن الحقيقة أن قائلها هو أحد كبار القادة العسكريين فى النظام النازى وهو هيرمان جورنج.
وأذكر وقت حكم رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت تاتشر التى اهتمت وفق ميولها الرأسمالية بالمال والاستثمار على حساب بعض القيم الأخرى، خاصة الثقافية، أن وصل الأمر إلى حد إفلاس فرقة شكسبير الملكية، وأن أحد المليونيرات الأمريكيين عرض شراءها ونقلها إلى الولايات المتحدة، ووقتها انقلبت الدنيا، وذاعت مقولة ناقدة لمارجريت تاتشر تقول على لسانها: «كلما سمعت كلمة ثقافة بحثت عن القاموس!»، لكن تاتشر وقتها قالت إن فرقة شكسبير هى تراث قومى بريطانى يجب حمايته، وقامت حكومتها على الفور بتقديم الدعم اللازم الذى حال دون إفلاس الفرقة وبيعها.
وإذا عدنا إلى رسم عمرو سليم المذكور نجد أصداء لكل ذلك فى هذا الرسم الذى لا يشير فقط إلى عداء حكم الإخوان للثقافة بوجود الشومة فى يد البلطجى، وهى المساوية للمسدس الذى ذكره الجنرال جورنج، وإنما أيضاً إلى جهل الإخوان بالثقافة كما كان الحال مع تاتشر التى كانت تحتاج للقاموس لمعرفة معنى الكلمة، لكن الأهم من ذلك كله أن الرسم جاء فى النهاية رغم أصدائه الدولية مصرياً صميماً فى موضوعه وفى خطوطه الفنية.