في مشهد فريد من نوعه نتعرض الآن لمباراة إعلامية ساخنة جداً. فكل فريق يعد عدته ليحارب خصمه وينتصر عليه ويؤثر في جمهور المباراة (المشاهدين) ليكسب أكبر عدد من المؤيدين.
فالإعلام الخاص منقسم بين مؤيد للحكومة المصرية ومعارض لها، باستثناء بعض النماذج القليلة التي ما زالت تمارس المهنية الصحفية في تغطية الأخبار (تقديم مختلف وجهات النظر دون الانحياز لطرف واحد). فالإعلام المعارض أصبح بالفعل يبذل كل جهده ليركز علي سلبيات الحكومة محاولاً تشويه صورتها بشتى الطرق. والإعلام المؤيد للرئيس وحكومته على النقيض تماما، فلا يتحدث عن أي سلبيات (بالرغم من أزمة رغيف العيش والسولار والكهرباء وانهيار البورصة وتهتك البنية التحتية لكثير من المرافق الحكومية، إلخ)، لكنه يرى أن الحكومة لديها إنجازات عدة يجب تقديرها. ويحاول بشتى الطرق وضع الأخبار في سياق إيجابي رغم كل السلبيات الواضحة.
والجدير بالذكر أن هذه المباراة ليس لها أي قواعد ثابتة لتنظيمها أو لطمأنة الجمهور بفرض عقوبات على من يحاول مخالفة قواعدها. ولكن للأسف كل فريق يضع قواعده حتى لو كانت تتسبب في أزمات أخرى قد تأخذ البلد إلى منعطف مخيف.
فمن أشهر المخالفات التي ترتكب في الوقت الحالي، والتي أعتبرها جريمة إعلامية، هي ممارسة خطاب الكراهية الذي يستخدم بقوة. فعلى سبيل المثال هناك بعض القنوات التي تشير إلى أن الأقباط هم من يحثون المواطنين على النزول يوم 30 يونيو للانقلاب على الشرعية واستخدام العنف، أو أن من يتظاهر ضد الرئيس يعتبر كافراً بدينه. وللأسف لا تؤخذ أي إجراءات ضد مروجي هذه الشائعات التى يمكنها أن تثير الفتنة وتشعل حالات التعصب والأزمة بين فئات المجتمع (مع العلم بأن خطاب الكراهية يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون في معظم الدول الديمقراطية).
ويتكرر هذا النوع من الخطاب مراراً وتكراراً، دون ردع من أي جهة، بالرغم مما نعانيه من كوارث في كل مرة. فأحداث ماسبيرو المأساوية حدثت عندما تفضل أحد مذيعي التليفزيون المصري الرسمي بالادعاء بأن مواطنين مسيحيين يقومون بالاعتداء على أفراد من الجيش. والآن يستخدم للمرة الثانية بمنتهى الجاهلية بغرض الشحن المعنوي لبعض الفئات والتحريض لممارسة العنف.
أما التليفزيون المصري فيأتي دائماً كلاعب احتياطي يحاول كعادته التعتيم على الحركات المناهضة للحزب الحاكم أياً كان، ويحاول بطرق غير مباشرة تسليط الضوء على إيجابيات إن وجدت. أو يحاول تغطية أخبار أخرى ليس لها أي علاقة بالأحداث السياسية الحالية.
للأسف ما يجمع كثيرا من وسائل الإعلام الآن هو عدم تغطية الخبر بمهنية وبموضوعية، والذي يقع ضحيته المشاهد البسيط الذى ليس لديه القدرة على التمييز بين إعلام مهني أو إعلام الرأي الواحد. وغاب عن ذهن هذه الوسائل أن دور الإعلام إخباري و توعوي وتثقيفي وليس تحريضياً.
وحتى لو صادف وشاهد بعض الوسائل القليلة التي تحاول رصد الحقيقة ونقلها، فسوف يتوه في الزحام الإعلامي الذى يستغله كل فريق لحسابه. وأتمنى أن يجد المواطن يوم 30 يونيو إعلاماً يساعده على فهم الأحداث من خلال نقل الخبر دون تهويل أو إثارة قد تتسبب في تطور الأزمات ودون تعتيم، وكأننا ندفن رؤوسنا فى الرمال لتسليط الضوء على سلبيات الحكومة وعدم كفاءتها وفشلها وعدم إمكانية استمراريتها.
أما الإعلام المؤيد للرئيس وحكومته فإنه على النقيض تماماً، لا يتحدث عن أي سلبيات بالرغم من أزمة رغيف العيش والسولار والكهرباء وانهيار البورصة، ولكنه يرى أن الحكومة لديها إنجازات عدة ويجب تقدير كل مسؤول فيها.