فى الوقت الذى أكمل فيه اعتصام المثقفين بوزارة الثقافة أسبوعه الأول، حاصر المتظاهرون من العاملين بوزارة التربية والتعليم مبنى الوزارة من الداخل والخارج، حيث تظاهر موظفو الديوان أمام مكتب الوزير، بينما تظاهر مدرسو اللغة الفرنسية أمام مبنى الوزارة وحطموا زجاج المدخل الرئيسى للوزارة، فهل وضع اعتصام المثقفين سابقة قابلة للتكرار فى الوزارات الأخرى؟
وماذا يحدث لو أن الجماهير حاصرت الوزارات ومنعت الوزراء من الدخول إلى مكاتبهم لمباشرة مهام منصبهم، بدلاً من التركيز على الاتحادية، مقر عمل رئيس الجمهورية؟ إن مثل هذا العمل يمثل تطوراً جديداً يختلف عما اتبع منذ بداية أيام الثورة، حيث ركزت الجماهير المتظاهرة اهتمامها على رأس النظام وحده، وحين سقط تصورت أنها حققت أهدافها، بينما ظل نظامه الذى هتفت الجماهير بسقوطه قائماً فى انتظار من يتولاه بكل أدواته القمعية، وهو ما حدث مع الإخوان الذين يستخدمون الآن كل أجهزة النظام السابق وقوانينه سيئة السمعة، وكأنه لم تقم ثورة فى البلاد.
إن اللجوء إلى قواعد النظام من خلال أجهزته التنفيذية، وهى الوزارات المختلفة فى العاصمة وأجهزة المحليات فى المحافظات، إنما يزعزع قواعد النظام من أساسها ويشل حركتها، فيجعل رئاساتها غير ذات فاعلية.
فالحصار الذى يفرضه المثقفون منذ أسبوع الآن على وزير الثقافة الذى يرفضونه ليس مجرد حصار لأبنية الوزارة وإنما هو حصار لشخص الوزير نفسه، لا يمكنه من التمادى فى قراراته التى يعترض عليها المثقفون، ويعتبرونها محاولة لأخونة الوزارة.
لقد توجه الوزير، منذ أيام، إلى مدينة الإسماعيلية على بعد عشرات الكيلومترات من مكتبه المحاصر بالزمالك ليفتتح مهرجان الإسماعيلية، فقام المثقفون هناك بمنعه من الدخول، وافتتح المهرجان فى غير وجوده، وقد كان فى ذلك إشارة واضحة إلى أن الحصار المفروض من المثقفين ليس على مكتب الوزير وإنما على الوزير نفسه.
إن المثقفين هم طليعة هذا الشعب والتجسيد الحى لضميره، ولبصيرته النافذة وعقله المفكر، وقد ابتدعوا وسيلة جديدة لمقاومة حكم الإخوان الحالى بالتصدى لمحاولات سيطرته على أجهزة الدولة ومؤسساتها التنفيذية، وهو ما يعتبر خطوة متقدمة على ما قامت عليه ثورة يناير 2011، حين حصرت مقاومتها فى رأس النظام، فعاد الكثيرون إلى بيوتهم بعد سقوطه، متصورين أن المهمة قد أنجزت، وأن الثورة قد نجحت.
فهل يكون فى ذلك درس يتبع يوم 30 يونيو فلا يكون احتشاد الثوار أمام الاتحادية وحدها وإنما حول مفاصل الدولة وأجهزتها التنفيذية التى لن يسقط النظام إلا بسقوطها؟!