أشارك الوعَّاظ الأفظاظ الغِلَاظ الاهتمامَ بالنساء، فالمرأة تستحق هذا.. وأكثر.
تستحق الحديث والكلام والمناقشة والاهتمام والهمَّ والانشغال والتساؤل والاندهاش والاستغراب والإعجاب.. وأكثر.
لكن الفارق -غير الوحيد- بينى وبين هؤلاء المتطرفين أننى أهتم بالنساء.
لكنهم يهتمون بنساء الهوى.
تشعر وأنت تتابع آراءهم وكتبهم ومنشوراتهم وبرامجهم وخطبهم وفتاواهم أنهم لا يتحدثون عن المرأة.
إنهم مشغولون -حتى أطراف لحاهم- بالمرأة فى الديسكوتيك.. أو فى شقة مفروشة مشبوهة أو فى بيت متعة فى كلوت بك.
لا ترى فى فتاواهم وبرامجهم المرأة المصرية.. الفارق الحقيقى.
إنهم لا يرون إلا صدور وسيقان السيدات، ويرفضونها ويلعنونها ويحاولون هداية راقصات شارع الهرم!
بينما نحن نرى كفَّ المرأة -وهو مسموح به شرعًا بالمناسبة- وهى تخيط فستانًا فى ورشة ملابس أو تمسك بأنبوب اختبار فى معمل بوزارة الصحة.. أو تكتب بطباشير فى مدرسة «نبوية موسى».
هذه هى المرأة التى نعرفها ونريدها، لكن هناك امرأة أخرى -لا نعرفها ولا نريدها- نراها ونقرأ عنها ولها عند الجماعات المتطرفة.
إن بعضهم يدعو إلى وضع كرباج فوق الحائط فى مكان بارز حتى يراه أهل البيت، وهم يستندون فى ذلك إلى حديث منسوب إلى النبى يقول:
«علِّقوا السوط حتى يراه أهل البيت فإنه أدبٌ لهم».
لن أناقش صحة الحديث ومخاصمته لأحاديث تحضّ على معاملة محترمة كريمة للمرأة، لكن ما رأيكم إذن فى بيت يسكن فيه رجل وزوجة.. وكرباج؟!
إنهم يرفضون أن تخرج المرأة إلى العمل، يرفضون أن تجلس أمام التليفزيون، أن تقرأ رواية، أن تفكر وتشارك وتعلن رأيها وتسعى لطموحها.. إنهم ينظرون إلى المرأة على أنها كائن غير مكتمل النمو، يحتاج إلى «حضَّانة» تمده بالهواء، والمحاليل حتى يعيش.. أو مخبأ.. أو مدفن.. أو..
إنها دعوة إلى وأد البنات من جديد.. هذه المرة ليس جسد البنت الذى يواريه التراب، لكن أفكارها وثقافتها وحريتها سيواريها التراب والكتب.. والفتاوى.
وأد البنات القديم كان بيد صناديد الجاهلية.. دون كتب أو فضائيات أو محاضرات أو معاهد سلفية للدعاة وخطب منبرية تحت رعاية الإخوان ومناقشات مذهلة فى تخلُّفها تحت قبة «الشورى».
لكن الوأد الجديد.. أخطر وأفدح.
الوأد بالشرع.