أصبح من المؤكد بعد اقتراب عدد «تمرد» من 15 مليوناً حتى تاريخه، أن غالبية الشعب المصرى قد قررت الخروج إلى الشارع لإعادة إنتاج يومى 25، 28 يناير 2011، وذلك فى 30 يونيو 2013. والسؤال هنا: لماذا تخرج الجماهير مرة أخرى بهذا الشكل الكبير؟ وما الذى تريد أن تقرره، لا أن تطالب به أو تضغط من أجله؟
فالجماهير قررت الخروج الكبير والواسع فى كل عموم مصر بميادينها وشوارعها للإعلان الرسمى عن تملكها السيادة والشرعية ومصيرها حاضراً ومستقبلاً، وأنه لا أحد غيرها يمتلك شرعية ما. ومن ثم فإنها تخرج تأكيداً على إسقاط شرعية من يدعى امتلاكها «مرسى وجماعته»، واتخاذ القرارات التى من شأنها تنظيم الدولة وفقاً للشرعية الثورية ومصدرها الشعب فى كل ميادين مصر وليست فى القاهرة فحسب.
فالجماهير تحملت بما فيه الكفاية وعاشت الرغبة المحمومة لجماعة غير شرعية للاستيلاء على السلطة واختطاف الثورة من أيدى أصحابها الحقيقيين وهم كل فئات الشعب المصرى، كما أنها صبرت على مسار الانتخابات أولاً الذى أنتج سلطة غير حقيقية وشرعية زائفة، وسياسات مشوهة لا تستقيم بأى حال من الأحوال مع واقع ثورى حى، الأصل فيه هو إحداث التغيير الجذرى المنشود بحيث يدفع فاتورة الثورة كل من كان سبباً فى اندفاع الجماهير نحو الثورة.
فلا تسقط حقوق شهداء الثورة الذين ضحوا بحياتهم أملاً فى تغيير أوضاع لم يتحقق، وغابت صورهم واختفت أجسادهم عن أسرهم التى تعيش بحسرة وأسى فقدانهم كل دقيقة دون أن يروا واقعاً جديداً على مدار عامين ونصف العام، بل رأوا المزايدين على دمائهم من جماعة الإخوان والرئيس غير الشرعى والمتأسلمين الجدد الذين كانوا يجرمون الثورة على الحاكم، والاكتفاء بالدعوة والنصح والإصلاح التدريجى، وذلك لحماية نظام مستبد وفاسد هو نظام مبارك، ومازال هؤلاء يتحالفون معه ورموزه ويتصالحون معهم!!
فالجماهير تطلعت إلى واقع تتحقق فيه طموحاتهم بإقامة الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وتوفير العيش وكل سبله، وتشغيل الشباب والقضاء على البطالة والانخراط فى مشروع قومى أو وطنى حقيقى لنهضة هذا الوطن، إلا أنه للأسف وجد الكذابين المخادعين المراوغين المجرمين من جماعات متأسلمة توظف الدين الإسلامى الوسطى السمح لتحقيق أغراض سياسية دنيئة دون مراعاة لأبسط قواعد ومبادئ هذا الدين، بهدف الوصول للسلطة لتنفيذ أجندات غريبة على هذا الوطن، من أخونة، وخلافة وهمية، وإدماج مصر فى أهداف تنظيم دولى عميل للأمريكان والصهاينة والماسونية العالمية.
كما اكتشف فى هؤلاء خداعاً لا مثيل له، حيث لم يكن هناك مشروع للنهضة كما كانوا يزعمون ويوهمون الشعب المصرى البسيط به، فوجده وهماً وسراباً بصورة غير متوقعة وبأسرع مما يتصوره عقل الإنسان البسيط العادى. حتى بات من يقول إن حظ الشعب المصرى رغم معاناة الفترة السابقة «عامين ونصف = 30 شهراً»، اكتشف هؤلاء بسرعة حتى يذهبوا بلا عودة، ويخرجوا من التاريخ المصرى للأبد، لأن شبقهم للسلطة كان أكبر من قدرتهم على الإنجاز بمراحل، الأمر الذى ساهم فى تعريتهم أمام الشعب المصرى بل العالم كله!! هل يتصور أحد أن هؤلاء لم يتمكنوا من حل مشكلة واحدة ليس فى المائة يوم الأولى فحسب بل فى 365 يوماً «عام كامل»!!
يا للهول من هذه المحنة التى يعيشونها ويبدو أن سوء حظهم من سوء نواياهم السيئة التى يضمرونها للشعب المصرى الذى من أراد به سوءاً أهلكه الله ودمره، والله عليهم، هؤلاء الكاذبون المخادعون.
إن الشعب المصرى العظيم يخرج بالملايين ليؤدب هؤلاء ويشطبهم من التاريخ ويحاكمهم على جرائمهم، ويضعهم مع المخلوع الأول فى القفص ويضم المخلوع الثانى بجواره ومعه المرشد وعصابته وأصحاب الذقون المراوغة ومعدومة الأخلاق منهم، خاصة أن هناك أصحاب ذقون محترمين ولا علاقة لهم بالسياسة ومحل احترام قطاعات كبيرة من الشعب. يخرج الشعب ليؤسس دولته الثورية ومشروعه الثورى فى التغيير الجذرى، يبدأ بإسقاط دستور الإخوان، وحكومتهم، ويحل مجلسهم للشورى، ويلغى كل قرارات مرسى طوال العام المنصرم ويعيد ما تفكك بسرعة، وتنتقل السلطة لمجلس رئاسى برئاسة رئيس المحكمة الدستورية وعضوية وزير الدفاع وآخرين، ومجلس قيادة ثورة «60٪ من الشباب الثورى المعروف»، وحكومة مستقلة، ولجنة تأسيسية للدستور الجديد، الأمر يحتاج وقفة جادة من الشعب، وإننى لواثق من ذلك، لينقذ ثورته من خاطفيها لعنهم الله شر لعنة، فالثورة مستمرة وستنتصر بإذن الله.. مازال الحوار متصلاً.
■ كلمة إلى محمد عبدالقدوس رداً على ما نشره فى «أخبار اليوم» 1/6/2013: سخريتك واتهاماتك تنسب لك، وليس لى، ولا تستحق الرد.. ولا أميل للدخول فى معارك تافهة.. وكفاك نفاقاً لرؤسائك!!