سيبك من وزير الداخلية مؤقتاً، لو شاهد مرسى، أو سمع، أو نُقل إليه وقائع تشييع الشهيد محمد عبدالعزيز أبوشقرة، ضابط الأمن الوطنى (المغدور) فى العريش، لاقشعرّ بدنه، وسابت مفاصله، ومشمشت ركبه، ووجف قلبه.. ولبكت باكينام، وولولت أم أيمن.
مشهد خرجة الشهيد، وأمه تستودعه عند بارئه، عند ربنا، تنخلع من هول وقعها القلوب، لعلها الزفرات الأخيرة فى عمر نظام حكم الإخوان، الداخلية تتمرد على رئيسها الأعلى، رئيس جمهورية الإخوان، تسقطه من عليائه فى قصر المؤتمرات، سباباً ولعناً، تهتف بعزم فتوة رجالها، ارحل يا مرسى!!
الضباط المفجوعون يشيعون زميلهم إلى مثواه الأخير ملفوفاً بعلم مصر، صاروا يصلون فى مسجد الدراسة على جثامين شهدائهم أكثر من ذهابهم إلى نوبتجياتهم، حزانى عليهم لا يكفكف لهم دمع، منظرهم من حول النعش يصعب على الكافر، لكن أبوجلد تخين فى واد آخر، هيكمل المشوار على جثثنا.
شباب زى الورد مكلومون يهتفون فى صوت مشروخ من الألم، مبحوح من الخنقة، مخنوق بالدموع، مجروح، ملتاع، إنهم ينتحبون ألماً، ينزفون من جوه، يوميا ينحر شبابهم على أيدى قتلة محترفين، أطلقهم من عقالهم من لا يرعى الله فى شباب وطنه.
الحالة المخيفة التى بات عليها ضباط الداخلية، ووزير الداخلية أعلم بها، ويتحسب منها، بلغت حد إعلان التمرد على الرئيس (تحديداً)، شباب الداخلية وقّعوا ظهر الإثنين وثيقة «تمرد» بحناجرهم ودموعهم، كانوا يهتفون «لا إله إلا الله محمد مرسى عدو الله»، الفيديو موجود وعلى الجنازة شهود يتقدمها وزير الداخلية وملؤه.
الحالة التى ظهر عليها الضباط تشى بالأسوأ، إنما القادم أسوأ، خلاص ضباط الشرطة فاض بهم الكيل فاحذروهم يوم 30 يونيو، واخشوهم يوم 30 يونيو، ضباط الشرطة يتمردون على واقعهم المرير، لن يحموا أحداً، لن يحموا مكاتب القتلة المجرمين، ولا مقار أرباب السجون الهاربين.
كيف تطلبون من رجل أمن حماية مقار غير شرعية لجماعات «محظورة»، سيبك من جمعية الإخوان، إحنا مش داقين عصافير خضر بتطير، بالله عليك كيف تطلب يا وزير الداخلية من شهيد أن يحمى قاتله، معلوم كل ضابط شرطة يودع أولاده صباحاً، يخرج من بيته مشروع شهيد، الخارج من بيته مفقود، يُسفك دمه، والعائد إلى بيته ممرور، محصور، ممزق، يسكب دمعه على فقيده، زميله المغدور.
رصاصات الغدر تختطف الشباب، بلا ذنب ولا جريرة، يُقتلون عمداً مع سبق الإصرار والترصد، على أيدى قتلة محترفين عابرين للحدود، يُسحلون على أيدى المجرمين والقتلة والمسجلين، ضباط الشرطة لا بواكى لهم على الفضائيات ولا أغلفة المجلات وأعمدة الصحف، مهدور دمهم، من ذا الذى ينعى شهيد الشرطة، الشرطة دمها مستباح، تفرق بين القبائل.
لا تزر وازرة وزر أخرى، القتلة فى الداخلية يُحاكمون، العادلى ورجاله فى السجون، ما ذنب الشباب، ما ذنب النباتات على رأى مرشد الغبرة، المعنى الكامن فى الجنازة خطير، ضباط الداخلية ينتفضون، يتمردون، العينة بينة، الجنازة تنضح بالكراهية التى تعتمل فى نفوس شباب الداخلية، رغبة مؤكدة فى الثأر ممن قتلهم.
لم تعد داخلية العادلى ولا محمد إبراهيم، شباب الضباط خلاص استبيع، لا يهمهم جنرال ولا رئيس، يا روح ما بعدك روح، لم يعد هناك ما يخشون منه أو عليه، مقتول مقتول وكلها موتة، فقط موتة شريفة وجنازة مهيبة ومعاش شهيد.. «إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون».